عقد رئيس اللّجنة البطريركيّة للبيئة، المطران منير خيرالله، مؤتمرًا صحافيّاً في المركز الكاثوليكيّ للإعلام، للإعلان عن اليوم العالميّ للصَّلاة من أجل العناية بالخليقة، شارك فيه مدير المركز الخوري عبده أبو كسم، ممثّلاً رئيس اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، وأعضاء اللّجنة: السيّدة ندى زعرور – رئيسة حزب الخضر، الأستاذ أنطوان تيّان – ألنّاشط البيئي، ألأب سيفاك نلبنديان ممثّلاً كنيسة الأرمن الأرثوذوكس، الدّكتور داني العبيد عن كنيسة الرّوم الأرثوذوكس، والأب هاني مطر – ألّذي حضّر الكتب الليتورجيّة.
بدايةً، رحّب مدير المركز ألأب أبو كسم بالمطران خيرالله والوفد المرافق، مثمّنًا دورهم في التوعية على احترام البيئة والعناية بها، منوّهًا بالنشاطات الّتي ستقوم بها اللّجنة على صعيد الإعتناء بالتشجيع على المحافظة على الطبيعة والأحراج، وتشجير الجبال المدن والقرى، متمنّياً لهم النجاح في رسالتهم.
من جهَّته قال المطران خيرالله في كلمته:
أنّ قداسة البابا فرنسيس في 6 آب 2015، وبعد أن كان قد أصدر رسالته العامّة بعنوان « سبحانك ربّي - حول العناية بالبيت المشترك»، عن إنشاء « اليوم العالميّ للصَّلاة من أجل العناية بالخليقة» في الأوّل من أيلول من كلّ سنة، بالاشتراك مع الكنائس الأرثوذوكسية التي تحتفل به منذ سنة 1989.
وفي هذا الإعلان، تمنّى قداسته أن يكون هذا الاحتفال السنويّ وقفة مميّزة للصَّلاة والتفكير والتوبة وتبنّي نمط حياة متناسق مع قيمنا المسيحيّة، مشدّدًا على تعميم التوعية على المسؤوليّة المشتركة التي علينا أن نتحمّلها معًا في العناية بالخليقة.
يوم الصّلاة هذا هو دعوة إلينا نحن المؤمنين وإلى جماعاتنا المسيحيّة لكي نجدّد التزامنا بالدّعوة التي دعانا الله الخالق إليها كحرّاس للخليقة، وبتقديمِ الشكر لله وطلب معونته لحماية الخليقة التي وضعها في تصرّف الإنسان وطلبِ رحمته للخطايا التي تُرتكب ضدّ العالم الذي نعيش فيه.
وكم نحن في حاجة، وبنوع خاصّ في لبنان، إلى الصَّلاة والتفكير والتوبة لكي نتحمّل معًا المسؤوليّة في الحفاظ على بيئتنا ونواجه التحديات والتعدّيات على بلادنا التي كانت خضراء ونظيفة، إذ وصلنا إلى حدٍّ يهدّد طعامنا وماءنا وهواءنا.
احتفلنا السنة الماضية بهذا اليوم في الصّرح البطريركيّ في بكركي برئاسة صاحب الغبطة والنيافة مار بشاره بطرس الرَّاعي الكلّي الطوبى، وكان لغبطة البطريرك يوحنّا العاشر الكلّي الطوبى كلمةٌ شدّد فيها على أنّ «الكنيسة ترى أنّ الخليقة هي ملكُ الله. والإنسان ساكن في بيت يملكه الله، وليس ملكًا شخصيًا للإنسان. لكن يبدو أنّ الإنسان اليوم فَقَدَ الوعي بأنّ الحياة هي هبة من الله، حتى أنّه نسي معنى الحياة الأساسي، جاعلاً من وجوده مركزًا للحياة، ومكتفيًا بذاته. لذلك، لا يرى الإنسان اليوم أنّ بيئته تخصّه، بل يراها بابًا للمتاجرة، والمنفعة الشخصيّة، والتسهيلات. إنّ الرُّوح النفعيّة المنتشرة والاستهلاك المبالَغ به يعزى إلى هذا العالم المتغرِّب عن ذاته وعن الخليقة وعن الله».
إنّه كلام نابع من واقعنا اللبنانيّ المتردّي والذي يتطلّب معالجة جذريّة. لذا فإنّنا ندعو من جديد جميع المهتمّين بشؤون حماية البيئة والخليقة إلى مشاركتنا الاحتفال بساعة صلاة تقام في بازيليك مار بولس للروم الملكيّين الكاثوليك في حريصا برئاسة صاحب الغبطة البطريرك مار يوسف العبسي بطريرك أنطاكيه وسائر المشرق للرّوم الملكيِّين الكاثوليك الكلّي الطوبى وبمشاركة رؤساء الكنائس المسيحيّة، وذلك نهار الجمعة الأوّل من أيلول 2017، السّاعة السّادسة مساءً.
ولأنّ التحدّي البيئيّ الذي نواجهه هو خطير علينا وعلى مستقبل أولادنا، ولأنّ مشاركة الجميع هي ضروريّة لإصلاح الأضرار الناجمة عن تعدّي البشر على خليقة الله، ترى الكنيسة أنّه باستطاعتنا جميعًا التعاون، مؤسّسات الدولة والكنيسة والمجتمع المدنيّ، كأدوات لله من أجل العناية بالخليقة.
«وذلك لأنّنا خُلقنا على صورة الله كمثاله، كما يقول قداسة البابا فرنسيس، ولأنّنا فُوِّضنا لإخضاع الأرض، أي أن الله دعانا إلى حراثة الأرض وحراستها. فالحراثة تعني فلاحة التربة أو استصلاحها أو العمل فيها؛ والحراسة تعني الحماية والعناية والحفظ والسَّهر» (سبحانك ربي، عدد 67).
نتمنّى أن يكون يوم الصَّلاة الذي نحتفل به مناسبةً لنا جميعًا، نحن المسيحيِّين واللبنانيِّين، لوقفة ضمير نعود من خلالها إلى ذواتنا ونعترف بأخطائنا وعيوبنا وإهمالنا ونتوب توبة من القلب تحفّزنا على التحوّل من الدّاخل أوّلًا، ثمّ على المصالحة مع بعضنا البعض ومع الخليقة ثانيًا.
ونحن قادرون على ذلك، لأنّنا «لم نخسر بعد كلّ شيء في سبيل إصلاح الأضرار الناجمة عن ممارساتنا ضدّ خليقة الله» (سبحانك ربّي، عدد 205).
تعالوا نسير معًا بفرح ورجاء ونتّحد في تحمّل مسؤوليّة بيتنا المشترك الذي أوكل إلينا «ولا ندع صراعاتنا وإنشغالاتنا على هذا الكوكب تنتزع منّا فرح الرّجاء»! (سبحانك ربّي، عدد 244).
وفي مداخلة السيّدة ندى زعرور، أكّدت بإسم المجتمع المدني وكعضو في اللّجنة البطريركيّة للبيئة بأنّهم يشعرون بالمسؤوليّة وبأهميّة يوم الصّلاة، وأكّدت أنّ الكنيسة ومؤسّسات الدولة يجب أن تجتمع في هذا اليوم من أجل العناية بالخليقة، وبأنّ مهمّتهم نشر رسالة قداسة البابا ودعم الكنيسة في كلّ نشاطاتها.
أمّا الأستاذ تيّان فقد نوّه، إنطلاقـًا من رسالة البابا "كن مسبّحًا ربّي" لتحمّل مسؤوليّة بيتنا المشترك، بأهميّة ساعة الصّلاة الّتي سنرجع فيها إلى ذاتنا ليبدأ كلّ واحد، ضمن حياته الخاصّة والشخصيّة، بالإعتناء بالأمانة، كما ذكر في رسالة قداسة البابا، كي نحافظ على بيئتنا.
وختم المطران خيرالله مؤكّدًا أهميّة دور الكنيسة في هذا مجال الحفاظ على البيئة في بلدنا لبنان الّذي يعاني من مشكلة وأزمنة كبيرة جدّاً من الجهّة البيئيّة، ما أدّى إلى تعاون كلّ الكنائس في لبنان، ليس فقط للصّلاة، بل لتوعية ذاتنا وكلّ الأخوة المؤمنين إلى أهميّة الإهتمام بالأمانة الّتي وضعها الله بين يدينا.
المركز الكاثوليكي للإعلام.