البابا يلتقي الأساقفة والكهنة والمكرّسين في كاتدرائيّة القديس لورنزو

متفرقات

البابا يلتقي الأساقفة والكهنة والمكرّسين في كاتدرائيّة القديس لورنزو

 

 

البابا يلتقي الأساقفة والكهنة والمكرّسين في كاتدرائيّة القديس لورنزو

 

 

 

 

إلتقى قداسة البابا فرنسيس عند الساعة العاشرة من صباح السبت الأساقفة والكهنة والمكرّسين في كاتدرائيّة القديس لورنزو وللمناسبة أجاب الأب الأقدس بشكل عفوي على أسئلة وجّهها إليه بعض الكهنة والمكرّسين وتمحورت حول المعايير لعيش حياة روحيّة عميقة بالرغم من تعقيدات الحياة المعاصرة، وحول كيفيّة عيش الأخوّة الكهنوتيّة بشكل أفضل؛ حول العمل الرسولي للمكرّسين في الأبرشية وكيفيّة عيش ومواجهة النقص في الدعوات الكهنوتية وللحياة المكرّسة.

 

قال الأب الأقدس مجيبًا على السؤال الأول بقدر ما نتشبّه بأسلوب يسوع بقدر ما سنقوم بعملنا كرعاة بشكل أفضل. هذا هو المعيار الأساسي: أسلوب يسوع. وكيف كان أسلوب يسوع كراع؟ كان في مسيرة على الدوام؛ وهذا ما تظهره لنا الأناجيل أيضًا، كل بأسلوبه، ولكننا نرى يسوع يسير وسط الناس والجموع وهذا يعني القرب من الناس ومشاكلهم؛ لكن الأناجيل تخبرنا أيضًا أنه كان ينفرد في المساء ليكون مع الآب ويصلّي؛ وبالتالي يمكن لهذين الأمرين: يسوع بين الناس ويسوع المصلّي أن يساعداننا في حياتنا اليوميّة.

 

 إن يسوع لم يتوقّف أبدًا؛ بل كان في مسيرة دائمة وكجميع الذين يسيرون كان عرضة للتشتت، لكن لا يجب علينا أن نخاف من الحركة والتشتّت الذي يسببه زمننا وإنما يجب علينا أن نخاف من الجمود والخمول. أنا شخصيًّا أخاف من الكاهن الجامد والخامل. لذلك أقول للكاهن الجامد الذي لديه كل شيء كامل ومنظّم... هذه الحياة المنظّمة ليست مسيحيّة. لقد كان يسوع رجلاً في مسيرة منفتحًا على مفاجآت الله أما الكاهن الذي قد خطّط ونظّم لكل شيء يكون عادة منغلقًا على مفاجآت الله ويضيّع فرح مفاجأة اللقاء؛ فالرب يمسك بنا عندما لا نتوقعه. لذلك لا يجب علينا أبدًا أن نخاف من القلق الذي قد نعيشه، لأن الأب والأم والمربي هم عرضة على الدوام لهذا القلق والقلب الذي يحب يعيش دائمًا في إطار هذا القلق.

 

 تظهر لنا الأناجيل جانبين قويَّين من حياة يسوع: اللقاء مع الآب واللقاء مع الأشخاص؛ وفي اللقاء مع الآب ومع الإخوة نجد هذا القلق إذ ينبغي أن يعاش كل شيء في ضوء اللقاء لأنّك ككاهن ينبغي عليك أن نلتقي أولاً مع الله ومع الآب ومع يسوع في الإفخارستيا ومن ثمّ مع المؤمنين.

 

وأشار البابا في هذا السياق إلى أن العمل مع الناس متعب وقد يُسئمنا أحيانًا ولكنّهم شعب الله وبالتالي علينا أن نفكّر بيسوع الذي كان الناس يزحمونه على الدوام وعلينا أن نسمح للناس بأن يتعبوننا وألا ندافع كثيرًا عن سكينتنا ورفاهيّتنا. وأكّد الحبر الأعظم في هذا السياق أنَّ إحدى العلامات التي تشير إلى أننا لا نسير في الدرب الصحيح هي عندما يصبح الكاهن ممتلئًا من ذاته ومرجعًا لذاته فيتوقّف عندها عن كونه رجل لقاء.

 

أما الكاهن الحقيقي فهو الذي يحمل اللقاء في حياته مع الله في الصلاة ومع الناس حتى نهاية نهاره؛ وهذا التعب عندها إن اقترن بالصلاة يصبح تعب قداسة. لذلك ليسأل كل فرد منا نفسه: هل أنا رجل لقاء؟ هل أنا رجل يمثل أمام بيت القربان؟ هل أنا رجل يسير؟ هل أسمح للناس أن يتعبونني؟ هكذا كان يسوع! وبالتالي سيفيدنا جميعًا نحن الكهنة أن نتذكّر أن يسوع هو وحده المخلّص وما من مخلِّص غيره وأنّه لم يتعلّق أبدًا بالهيكليات وإنما بالعلاقات واللقاءات، وهذا ما ينبغي علينا أن نعيشه في الكنيسة: هيكليات أقل وحياة أكثر لأنّه بدون العلاقة مع الله والقريب لا معنى لحياة الكاهن.

    

تابع الأب الأقدس مجيبًا على السؤال حول كيفيّة عيش الأخوّة الكهنوتيّة بشكل أفضل وقال إن عيش الأخوة بين بعضنا البعض صعب بعض الشيء وهو عمل يومي، وأحيانًا قد تشكّل الأخوّة نوعًا من الإماتة أيضًا لأن هناك الأنانية، ولذلك ينبغي علينا أن نستعيد معنى الأخوة؛ نتحدّث عنها كثيرًا ولكنها لم تدخل بعد إلى عمق قلوب الكهنة، لذلك لا يجب أن نخاف من الخلافات في الآراء فيما بيننا لأنها علامة للحرية والمحبّة والثقة وبالتالي للأخوّة. لكن عندما تغيب الأخوّة الكهنوتيّة تأخذ مكانها الخيانة ونجد من يبيع أخاه ليتقدّم؛ وبالتالي فالعدو الأكبر ضدّ الأخوّة الكهنوتيّة هو الثرثرة والحسد.

 

بعدها تحدّث البابا فرنسيس عن العمل الرسولي للمكرّسين في الأبرشية، وأشار إلى أن الانخراط في الأبرشيّة ينقذ من الحياة المجرّدة والإيمان النظري لأن الأبرشيّة هي ذلك الجزء من شعب الله الذي يملك وجهًا معيّنًا، وبالتالي، قال البابا هذا الأمر يساعدنا لنعيش إيماننا لأنّكم أنتم المكرسين هديّة للكنيسة بمواهبكم المتعدّدة، ومواهبكم ليست أمرًا مجرّدًا بل هي ملموسة ولدت في أماكن ملموسة وهي تنمو وتتجسّد في أماكن ملموسة وهذا الأمر يساعدنا لنحب الأشخاص في الواقع ونتحلّى بمُثل واقعيّة يمكن تجسيدها.

 

من ثمَّ هناك جانب مهمّ للعمل في الأبرشية وهو الاستعداد والجهوزيّة للذهاب إلى حيث تتطلّب الحاجة أي إلى كلّ الضواحي كما أقول عادة ولكنني لا أقصد الضواحي الفقيرة وحسب وإنما ضواحي الفكر أيضًا. وعندما أقول جهوزيّة واستعداد أعني أيضًا مراجعة الأعمال التي نقوم بها لذلك سيساعدنا أن نسأل أنفسنا هل موهبتنا ضروريّة في هذه الأبرشيّة أو في هذا المكان من الأبرشيّة؟ هل هناك حاجة لموهبتي في مكان آخر؟ وبالتالي علينا أن نكون مستعدين على الدوام للذهاب أبعد!

 

وختم الأب الأقدس مجيبًا على السؤال حول أزمة الدعوات الكهنوتية وللحياة المكرّسة وقال هناك أزمة تطال الكنيسة بأسرها وجميع الدعوات حتى الزواج لذلك ينبغي علينا أن نطلب من الرب أن يلهمنا ما ينبغي علينا القيام به وما يجب علينا تغييره. علينا أن نتعلّم من المشاكل ونبحث عن الأجوبة. لكن لا يجب أن ننسى أبدًا أن الشهادة هي التي تجذب الدعوات ولذلك نحن بحاجة لارتداد رسوليٍّ لننمي الدعوات؛ علينا أن نركِّز على الشهادة لاسيما شهادة الفرح من خلال أسلوب الحياة والشهادة للخيار الذي قام به يسوع لأنّ روح العالم والشهادة السيئة هما ما يسبب هذه الأزمة.

 

نحن بحاجة أيضًا إلى ارتداد راعوي ورسولي لذلك أدعوكم لقراءة تلك المقاطع في الإرشاد الرسولي "فرح الإنجيل" والتي تتحدّث عن هذا الموضوع. ثانيًا علينا أن نتيقنَّ أن الدعوات موجودة والله يرسلها ولكن إن كنتَ أنت – كاهن، مكرّس أو راهبة – مشغول على الدوام ولا تملك الوقت لتصغي للشباب الذين يأتون إليك فأبحث لهم عن شخص يصغي إليهم لأنَّ الشباب هم في حركة على الدوام ويمكننا أن نضعهم على الدرب الرسوليّة.

 

 الشهادة هي الحل للتغلّب على أزمة الدعوات، وهذه الشهادة لا تحتاج للكلام يكفي أن تظهر من خلال محبّة تعرف كيف تجذب الأشخاص.

 

 

هذا وكان الكاردينال أنجلو بانياسكو قد وجّه كلمة افتتح بها اللقاء رحّب من خلالها بالأب الأقدس وقال تدفعنا الرسالة المشتَركة لنلتقي باحترام ومحبّة لنسير معًا بميزة كل كنيسة خاصة – كما تعلموننا – وكل منطقة.

 

معًا ننظر إليكم يا خليفة بطرس: إنّ كلمتكم ومثالكم يوجهاننا ويعضداننا لنذهب إلى العرض بلا خوف. نعرف جيّدًا أن الجمال الذي نرغب بالتعبير عنه لا يتناسب على الدوام مع الرغبة؛ ولكننا نعلم أيضًا – كما تعلّموننا – أنّه لا ينبغي عليننا أن نستسلم خلال مسيرة التقديس والارتداد الشخصيّة والراعويّة.

 

 في الوقت عينه نؤكِّد لكم نحن الأساقفة رغبتنا بإتِّباع الرب الذي يقيم فينا ويسائلنا كما قلتم في لقائكم مع أساقفة بولندا خلال اليوم العالمي للشباب: الرعيّة التي "تخرج وتنطلق" هي رعيّة أبواب كنيستها مشرّعة وقلبها يستقبل الآخرين بابتسامة حكيمة وروح مفعم بحضور الله.

 

من خلال إصغائنا لكلمتكم سينمو الحماس فينا لنذهب إلى العرض ونتخطّى الخوف والتعب، لاسيما وأننا نسعى إزاء العديد من الحاجات الراعوية أن نفهم إلى أين يقودنا الروح لنميّز الجوهري ونعمل معًا. نشكركم أيها الأب الأقدس ونؤكِّد لكم صلاتنا اليوميّة والمحبّة.

 

 

إذاعة الفاتيكان.