استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح يوم الاثنين في القصر الرسولي بالفاتيكان بطريرك القدس للروم الأرثوذكس تيوفيلوس الثالث وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة استهلّها بالقول:
بفرح كبير أرحّب بكم في روما. أفرح بمبادلتكم، بامتنان ومحبّة أخويّة، استقبالكم الحار خلال زيارتي إلى القدس. لا زال حيًّا في ذاكرتي الاهتمام الذي حفظتموه لنا مع البطريرك المسكوني في البازيليك التي تحرس الأماكن حيث صُلب المسيح ودُفن وقام؛ وبهذا الصدد أجدد فرحي لترميم هذا المكان المقدّس: لم تُحفظ فقط سلامة نصب تذكاري من الماضي بل تمَّ العمل لكي يستمرَّ في المستقبل ترداد صدى الشهادة التي تنبعث من ذلك القبر الفارغ: "إِنَّه قامَ وليسَ ههُنا، وهذا هو المَكانُ الَّذي كانوا قد وضَعوه فيه" (مرقس 16، 6).
يقدّم لي هذا اللقاء فرصة كي أعبّر مجدّدًا عن قربي من جميع الذين يتألّمون بسبب النزاعات التي تضرب الأرض المقدّسة منذ عشرات السنين. إنَّ عدم ثبات الوضع وعدم التفهُّم بين الأطراف لا يزالان يسبّبان تقلقلاً وحدًّا من الحقوق الأساسيّة وتركًا للأراضي من قبل عديدين. لذلك أطلب مساعدة الله وأسأل جميع الأشخاص المعنيين أن يعززوا الجهود كي تتحقق شروط سلام ثابت يقوم على العدالة والاعتراف بحقوق الجميع.
أتوجه بفكري بشكل خاص إلى أعضاء مختلف الجماعات المسيحيّة في الأرض المقدّسة. أتمنى أن يُعترف بهم كجزء أساسي من المجتمع وأن يحملوا بلا كلل، كمواطنين ومؤمنين، إسهامهم في سبيل الخير العام وبناء السلام من خلال الالتزام كي يكونوا صانعي مصالحة ووفاق. وهذا الإسهام سيكون أكثر فعاليّة بقدر ما سيتحقق تناغم أكبر بين مختلف الكنائس في المنطقة. سيكون مهمٌّ أيضًا تعاون تصاعدي من أجل دعم العائلات والشباب المسيحيين لكي لا يجدوا أنفسهم مجبرين على ترك أرضهم؛ من خلال العمل معًا يمكن لمؤمني مختلف الطوائف أن يتعرفوا على بعضهم البعض بشكل أفضل وينمُّوا علاقات أكثر أخوّة على الدوام.
بهذا المعنى، وطاعة لصلاة يسوع من أجل خاصته في العليّة: "فَليكونوا بِأَجمَعِهم واحِداً... لِيُؤمِنَ العالَمُ" (يوحنا 17، 21)، أرغب بالتأكيد على الرغبة الصادقة والالتزام الكامل للتقدّم في المسيرة نحو الوحدة الكاملة بيننا. أعرف جيدًا أن بعض جراح الماضي تستمر في ترك علامات في ذاكرة العديد. من المستحيل أن نغيِّر التاريخ، ولكن، بدون أن ننسى نقص المحبّة الذي صدر خلال عصور، لنوجّه النظر نحو مستقبل مصالحة كاملة وشركة أخويّة ولنعمل معًا كما يريد الرب.
وإذ يحرّكنا الروح عينه، لا نسمحنَّ لذكريات فترة مطبوعة بالصمت وتبادل الاتهامات، ولصعوبات الحاضر وشكّ المستقبل أن يمنعاننا من السير معًا نحو الوحدة المرئيّة والصلاة معًا والعمل معًا من أجل إعلان الإنجيل وخدمة المعوزين.
يا صاحب الغبطة، أشكركم على زيارتكم وأرغب بإعادة التأكيد على قربي من الإخوة المسيحيين في الأرض المقدّسة ومحبّتي للأصدقاء من الديانات الكبرى الأخرى الحاضرة في المنطقة آملاً ومصلِّيًا أن يصل عاجلاً للجميع يوم السلام الثابت والدائم. "أطلبوا السلام لأورشليم، السكينة للذين يحبونكِ... لأجل إخوتي وأخلاّئي لأَدعونَّ لكِ بالسلام" (مز 122، 6- 8).
إذاعة الفاتيكان.