لمناسبة الإحتفال بيوبيل المساجين هذا الأحد ترأس البابا فرنسيس صباح اليوم قدّاسًا احتفاليًّا في بازيليك القدّيس بطرس بالفاتيكان، وألقى عظة توقّف في مستهلّها عند أهميّة الرّجاء الذي تنقله إلينا كلمة الله، وتوقّف البابا بعدها عند إنجيل القدّيس لوقا الذي يقول فيه يسوع ردًا على الصدوقيّين "فما كانَ إلهَ أَموات، بل إِلهُ أَحياء، فهُم جَميعًا عِندَه أَحْياء" (لوقا 20، 38).
وأكّد البابا أنّ الرّجاء هو عطيّة من عند الله، وقد وضعها الله في أعماق قلب الإنسان ولا بدّ أن نعمل على ترسيخ جذور هذا الرّجاء كي يأتي بالثمار المرجوة. وشدّد البابا على ضرورة أن نضع ثقتنا بحضور ورأفة الله على الرّغم من كلّ الشّرور التي اقترفناها إذ لا يوجد مكان في قلبنا لا يمكن أن تبلغه محبّة الله.
وذكّر البابا بعدها المشاركين في القداس أن الكنيسة تحتفل اليوم بيوبيل الرّحمة من أجل المساجين ومع المساجين، وأشار إلى أن عدم احترام القانون أدّى إلى صدور الأحكام بحقِّ المساجين لكن ينبغي أن يبقى الرّجاء قائمًا لأنّ الرّجاء يلامس الإنسان في عمق أعماقه وندرك أنّنا مدينون دائمًا لرحمة الله الذي يلاقينا ولا يتخلّى عنّا أبدا، كما يقول القدّيس أوغسطينس.
هذا ثمّ توقّف البابا عند رسالة القدّيس بولس الرّسول إلى أهل روما التي يتحدّث فيها عن "إله الرّجاء" كما أنّ الله هو أيضًا مثل ذاك الأب الذي ينتظر عودة ابنه ويأمل دائمًا بعودته على الرّغم من الخطأ الذي ارتكبه هذا الابن (لوقا 15، 11-32).
وأكّد البابا فرنسيس أنّ الرّجاء هو القوّة التي تدفع بالإنسان إلى الأمام كي يبدّل حياته. بعدها حثّ البابا المساجين المشاركين في هذا الاحتفال اليوبيليّ على عيش الرّغبة في الحريّة الحقيقيّة، مُشيرًا إلى ضرورة التفكير في إمكانيّة أن يغيّر هؤلاء الأشخاص حياتهم وعدم النظر إليهم فقط كأشخاص ارتكبوا الأخطاء ومكانهم هو السّجن.
حذّر البابا في هذا السياق من خطر البقاء أسرى الأحكام المسبقة والرّخاء المزيّف وثمة من يوجِّهون أصابع الإتّهام إلى من ارتكبوا الأخطاء كي يتمكّنوا من إخفاء تناقضاتهم. وذكّر البابا فرنسيس بأنّ لا أحد يمكنه أن يكون بارًا بنظر الله (روما 2، 1-11) لكن لا أحد يستطيع العيش بدون الثقة في الحصول على الغفران، ويكفي التفكير باللص الذي كان مصلوبا إلى جانب المسيح والذي رافقه إلى الفردوس.
وشدّد البابا أيضًا على أهميّة أن ينظر المسجون إلى المستقبل ويتحمّل مسؤوليّاته ويتعلّم من أخطاء الماضي كي يتمكن من فتح صفحة جديدة في حياته.
هذا وسلّط البابا الضّوء على أهميّة قوّة الإيمان التي تسمح للإنسان بمنح المغفرة في الظروف التي يبدو فيها هذا الأمر مستحيلاً من وجهة النظر الإنسانيّة. وأكّد أنّ رحمة الله وقوّته قادرتان على تضميد الجراح، وحيث نردّ بالمغفرة على العنف يمكن أن تسود المحبّة في قلب الشّخص الذي ارتكب الخطأ، وهذه المحبّة قادرة على التغلّب على كلّ شكلٍ من أشكال الشرّ. وبهذه الطريقة يقيم الله وسط الضحايا ووسط المذنبين شهودًا أصيلين وأشخاصًا يصنعون الرّحمة.
إذاعة الفاتيكان.