البابا فرنسيس يلتقي بعالم العمل في بولونيا

متفرقات

البابا فرنسيس يلتقي بعالم العمل في بولونيا

 

 

البابا فرنسيس يلتقي بعالم العمل في بولونيا

 

 

 

 

المحطة الثانية من زيارة البابا فرنسيس الرعوية إلى بولونيا كانت ساحة المدينة الكبرى حيث التقى الأب الأقدس بعالم العمل والعاطلين عن العمل والنقابات والتعاونيات، وقبل أن يتلو معهم صلاة التبشير الملائكي ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها:

 

أنتم تمثّلون أطرافًا اجتماعيّة مختلفة، وغالبًا في نقاش حاد فيما بينها؛ ولكنّكم تعلّمتم أنه معًا فقط بإمكانكم أن تخرجوا من الأزمة وتبنوا المستقبل. وحده الحوار، كلٌّ بحسب مهاراته، يمكنه أن يسمح بإيجاد أجوبة فعّالة ومتجدّدة للجميع.

 

 لقد تطوّرت في أرضكم منذ زمن تطويل الخبرة التعاونيّة والتي تولد من قيمة التضامن الأساسيّة. ولا تزال اليوم بإمكانها أن تقدّم الكثير حتى في إطار مساعدة العديد الذين يعيشون أوضاعًا صعبة ويحتاجون إلى ذلك "المصعد الاجتماعي"؛ فلا نُخضِعنََّ التضامن أبدًا لمنطق الربح المالي لأننا بهذه الطريقة سنحرم منه الضعفاء الذين هم بأمسِّ الحاجة إليه.

 

 إن وضع بطالة الشباب وبطالة العديد من الذين فقدوا العمل ولا يتمكّنون من الإندماج مجدّدًا هما واقعان لا يمكننا الاعتياد عليهما والتعامل معهما على أنهما مجرّد إحصاءات. إن الاستقبال والكفاح ضدّ الفقر يمرّان عبر العمل، إذ لا يمكننا أن نقدّم مساعدة حقيقيّة للفقراء إن لم يجدوا العمل والكرامة. إنّ "إتفاق العمل" الحديث، الذي بفضلّه وقّعت جميع الأطراف الاجتماعية والكنيسة على التزام مشترك في سبيل مساعدة بعضنا البعض في البحث عن أجوبة ثابتة، هو أسلوب مهم أتمنى أن يعطي الثمار المرجوّة.

 

تملك الأزمة الاقتصاديّة بعدًا أوروبيًّا وعالميًّا، وكما نعلم، هي أيضًا أزمة أخلاقية وروحيّة وإنسانيّة وفي جذورها نجد خيانة الخير المشترك إن كان من قبل الأفراد وإما من قبل مجموعات أصحاب النفوذ. لذلك من الأهميّة بمكان أن تؤخذ محوريّة قانون الربح وتُعطى للشخص البشري والخير العام، ولكن لكي تصبح هذه المحوريّة حقيقيّة وفعالة يجب أن تُزاد فرص العمل الكريم وهذا واجب المجتمع بأسره.

 

 نقف هنا أمام القديس بيترونيو، الذي نذكره كالأب والمحامي ويُصور دائمًا حاملاً المدينة على يديه. من هذا المكان يمكننا أن نرى ثلاثة جوانب مكوّنة لمدينتكم: الكنيسة والبلديّة والجامعة. عندما تتحاور هذه الثلاثة وتتعاون فيما بينها تتعزَّز الأنسنة القيّمة التي يُعبّرون عنها، فـ "تتنفّس" المدينة وتأخذ أفقًا جديدًا ولا تخاف من مواجهة التحديات التي تعترضها. أشجّعكم على تقييم هذه الأنسنة التي أُوكِلت إليكم كي تبحثوا عن حلول حكيمة وواعية لمشاكل زمننا المعقَّدة، التي نراها كصعوبات نعم، ولكن كفرص نمو وتحسين أيضًا.

 

 

بعد تلاوة صلاة التبشير الملائكي توجّه البابا فرنسيس إلى بازيليك القديس بيترونيو حيث تناول طعام الغداء مع الفقراء واللاجئين والمساجين، وقبل الطعام وجّه الأب الأقدس تحيّة للحاضرين قال فيها

 

إنها لفرحة كبيرة أن أراكم كثيرين في هذا البيت! تمامًا كما في بيت أمِّنا العذراء، بيت الرحمة، الكنيسة التي تستقبل الجميع لاسيما الأشد حاجة لمكان يقيمون فيه. أنتم محور هذا البيت والكنيسة تريدكم في الوسط، لأنّ الكنيسة هي للجميع ولاسيما للفقراء.

 

 

 في هذا البيت يتمُّ عادة الاحتفال بسرّ الافخارستيا، المائدة التي يوضع عليها الخبز والخمر اللذان يصبحان جسد ودم يسوع المكسور والمُهرق من أجل الكثير من البشر الذين يحبّهم. ما أعجب حسابات الله: يتكاثر فقط إذا انقسم!

 

إن المحبّة ليست أبدًا باتجاه واحد وإنما هي باتجاه دائري والجميع يعطي وينال شيئًا. جميعنا ننال وجميعنا نعرف ويمكننا أن نعطي الكثير. إن يسوع لا يهمِّش أحدًا ولا يزدري أحدًا. هو عطشان ويطلب منّا أن نعطيه ليشرب لأنّه يسير معنا ويتألّم معنا. ونحن نحمل جرّة الماء التي بإمكانه أن يشرب منها وهذه الجرّة هي قلبنا!

 

 

في ختام هذا اللقاء سوف تنالون الخبز الأثمن، الإنجيل، كلمة الله التي نحملها جميعًا في قلوبنا والتي تحمل بالنسبة لنا نحن المسيحيين سمات وجه يسوع الصالح. إنه لكم! وهو موجّه لكل محتاج! خذوه معكم جميعًا واحملوه كعلامة وختم شخصي لصداقة الله الذي يجعل من نفسه حاجًّا ومشرّدًا ليعدَّ مكانًا للجميع.

 

 إن خبز المحبّة هذا الذي نتقاسمه اليوم، احملوه أنتم أيضًا للآخرين. قدّموا للجميع المحبّة والصداقة. إنّه التزامنا تجاه الجميع وهناك حاجة ماسّة له. إن صلاة "الأبانا" التي سنتلوها في الختام هي فعلاً صلاة الفقراء.

 

فطلب الخبز في الواقع يعبّر عن الاتكال على الله في الحاجات الأساسيّة لحياتنا. إنَّ ما علّمنا إياه يسوع من خلال هذه الصلاة يعبّر عن صوت من يتألّم بسبب نقص الضروري. وعندما طلب التلاميذ من يسوع أن يعلّمهم أن يصلّوا أجابهم بكلمات الفقراء الذين يتوجّهون إلى الآب الواحد الذي من خلاله يعترف الجميع ببعضهم البعض كإخوة. إن صلاة "الأبانا" هي صلاة تتلى بصيغة الجمع: الخبز الذي يُطلب هو "خبزنا" وهذا الأمر يتطلّب المقاسمة والمشاركة والمسؤوليّة المشتركة.

 

 بهذه الصلاة نعترف جميعًا بضرورة تخطّي جميع أشكال الأنانيّة لكي نبلغ فرح القبول المتبادل؛ واليوم يمكننا أن نتقاسم خبزنا اليومي ولذلك نريد أن نشكر الله جميعًا.             

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.