البابا فرنسيس إلى الكهنة

متفرقات

البابا فرنسيس إلى الكهنة

 

 

البابا فرنسيس إلى الكهنة

 

 

قام قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الثلاثاء بزيارة إلى بوتزولو وبربيانا ليكرّم الأب بريمو ماتزولاري والأب لورنزو ميلاني، كانت محطّة الأب الأقدس الأولى في بوتزولو حيث وصل عند الساعة التاسعة والربع إلى رعيّة القدّيس بطرس حيث توقَّف للصّلاة عند قبر الأب بريمو ماتزولاري، وبعد الصّلاة وجّه البابا فرنسيس كلمة للمؤمنين الحاضرين في الكنيسة وقال:

 

"أنا اليوم حاجّ هنا في بوتزولو ومن ثمّ في بربيانا على خطى الكاهنين اللذين تركا أثرًا منيرًا في خدمتهما للرَّبِّ ولشعب الله.

 

 

 لقد عُرف الأب بريمو ماتزولاري بـ"كاهن إيطاليا" والقدّيس يوحنّا الثالث والعشرون قد وصفه بـ"كنّارة الرّوح القدس في منطقة بادانا". أعتقد أنَّ شخصيّة الأب بريمو الكهنوتيّة ليست استثناءً فريدًا بل هي ثمرة مميّزة لجماعاتكم؛ وتنشئته هي وليدة التقليد المسيحيّ الغنيّ لهذه الأرض. أمّا في سنوات شبابه فقد تأثر الأب ماتزولاري بصورة الأسقف العظيم جيريميا بونوميلي رائد الكثلكة الإجتماعيّة وراعويّة المهاجرين.

 

 لقد قام الأب بريمو ماتزولاري بخدمته عند الأنهار، علامة قوّة نعمة الله التي تتدفّق بغزارة نحو العالم، وقد كانت كلمته، في البشارة أو في الكتابة، تستقي وضوحًا وقوّة مقنعة من ينبوع كلمة الله الحيّ: الإنجيل الذي كان يتأمّل فيه ويصلّيه.

 

لم يبقَ الأب بريمو ماتزولاري بعيدًا عن نهر حياة الأشخاص وآلامهم؛ خلال خدمته ككاهن رعيّة في شيكونيارا التي طبعته كراعٍ بسيط ومتطلّب مع نفسه أوّلاً. وقد كان يكرّر على الدّوام أنّ الكاهن هو "مُكرِّر إشارة"، وهنا تكمن قوّته؛ وبالتالي تحقّقت نبوءته في محبّة وقته والارتباط بحياة الأشخاص الذين كان يلتقي بهم وفي الاستفادة من كلّ مناسبة ليعلن رحمة الله.

 

لم يكن الأب بريمو ماتزولاري شخصًا ندم على كنيسة الماضي بل سعى جاهدًا لتغيير الكنيسة والعالم من خلال حبّ شغوف وتكرّس غير مشروط. وفي كتابه الرعيّة يقدّم فحص ضمير حول أساليب العمل الرَّسوليّ؛ ويتحدّث الأب بريمو ماتزولاري في كتابه عن ثلاثة دروب لا تسير في الاتّجاه الإنجيليّ: أوَّلاً درب السّماح للأمور بأن تأخذ مجراها وهو أسلوب من ينظر من النافذة غير مبال وبدون أن يلتزم، أمّا الأسلوب الثاني الخاطئ هو النشاط الانفصالي حيث يلتزم الأشخاص في إنشاء مؤسّسات كاثوليكيّة يصبح فيها الإيمان فاعلاً ولكن يمكنها أن تخلق أيضًا جماعة من المسيحيِّين المتميِّيزين؛ ممّا يولّد الحواجز في وجه أسئلة الإيمان؛ أمّا الخطأ الثالث فهو استغلال الدين لتجاوز الصعوبات وخيبات الأمل التي قد نعيشها فنبتعد عن العالم، المجال الحقيقيّ للعمل الراعويّ، لتفضيل أشكال التقوى المختلفة.

 

 لقد كانت منطقة كاشينا في أيّام الأب بريمو ماتزولاري عائلة من العائلات التي تعيش معًا في هذه المنطقة الخصبة وتتألّم بسبب الفقر والظلم بانتظار تغيير ما ظهر من خلال النزوح إلى المدن؛ وهذه المنطقة تظهر لنا الكنيسة التي كان الأب بريمو ماتزولاري يقودها.

 

فالرعيّة بالنسبة له هي المكان الذي يشعر فيه المرء أنّ هناك من ينتظره، "بيت لا يعرف الغياب" لقد كان الأب بريمو ماتزولاري مقتنعًا أنّ مصير العالم ينضج في الضواحي، إذ جعل من نفسه أداة لرحمة الله على مثال الأب في المثل الإنجيليّ. لقد كان يُعرف بـ"كاهن البعيدين" لأنّه أحبّهم على الدّوام وبحث عنهم واجتهد ليحدّد أسلوب عمل راعويّ يصلح على الدوام للجميع.

 

أمّا المشهد الثالث فهو سهلكم الكبير. إن الذي قبل "عظة الجبل" لا يخاف من الانطلاق كمسافر وشاهد في السّهل الذي ينفتح بدون حدود وضمانات. ويسوع يُعدُّ تلاميذه لهذا ويقودهم بين الجمع والفقراء ويظهر لهم أنّ القمة يتمُّ بلوغها في السّهل حيث تتجسّد رحمة الله.

 

أشجّعكم أيّها الإخوة الكهنة على الإصغاء للعالم؛ والذي يعيش ويعمل فيه لتأخذوا على عاتقكم كلّ سؤال رجاء بدون الخوف من عبور الصّحارى والمناطق المظلمة. هكذا يمكننا أن نصبح كنيسة فقيرة مع الفقراء ومن أجلهم، كنيسة يسوع.

 

في كتابه درب صليب الفقير يذكّر الأب بريمو ماتزولاري أنّ المحبّة هي مسألة روحانيّة ونظرة: من قلّت محبّته يرى القليل من الفقراء أمّا مَن يحبُّ كثيرًا فيرى الكثير من الفقراء ومن ليس لديه محبّة لا يرى أحدًا" ويضيف: "من يعرف الفقير يعرف الأخ ومن يرى الأخ يرى المسيح، ومن يرى المسيح يرى الحياة وقصيدتها الحقيقيّة، لأن المحبّة هي قصيدة السّماء على الأرض".

 

 أيّها الأصدقاء الأعزاء، أشكركم على استقبالكم لي اليوم في رعيّة الأب بريمو ماتزولاري. كونوا فخورين بأنّكم خلقتم "كهنة على مثاله" ولا تتعبوا من أن تصبحوا أنتم أيضًا كهنة ومؤمنين على مثاله؛ حتى وإن كان الأمر يتطلّب منكم جهادًا ضدّ أنفسكم وأن تسمحوا لحنان الله أن يشفيكم.

 

    

 

إذاعة الفاتيكان.