"إن الأمانة للرّبّ لا تُخيّبنا أبدًا: حتى عند ساعة موتنا وعند الدينونة إن كنّا قد عشنا بأمانة فلن نخاف أبدًا" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح اليوم الثلاثاء في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان وحذّر المؤمنين من خدعة العيش كما ولو أنّهم لن يموتوا أبدًا ودعاهم للتأمّل حول البصمة التي يريدون أن يتركوها بعد حياتهم.
قال الأب الأقدس:
إنّها دعوة من الرّبّ لنفكّر بشكل جديٍّ حول نهاية حياتنا، هذا ما تدعونا الكنيسة للتأمُّل به في الأسبوع الأخير من السنة الليتورجيّة. لا أحد يحبّ أن يفكِّر في هذه الأمور ولكن هناك الحقيقة. وعندما يموت واحد منّا تمرّ السنين وقد لا يتذكّره أحدٌ بعدها.
لدي مذكّرة صغيرة أكتب عليها تاريخ وفاة الأشخاص الذين أعرفهم وفي ذكرى وفاة هذا الشّخص أرى كيف مرّ الوقت وهذا الأمر يُجبِرنا على التفكير فيما نتركه والبصمة التي نتركها بعد حياتنا. وبعد النهاية، وكما تخبرنا القراءة من سفر رؤيا القدّيس يوحنّا (14/ 14 -19)، ستكون هناك دينونة لكلّ واحدٍ منّا.
سيساعدنا أن نفكّر: كيف سيكون اليوم الذي سأمثل فيه أمام يسوع؟ عندما سيسألني عن الوزنات التي منحني إيّاها وعمّا فعلته بها؛ وعندما سيسألني كيف كان قلبي عندما نزل فيه الحَبّ، هل كان كحافة الطريق أو كالأشواك؟ كيف قبِلتُ كلمة الله؟ هل قبلتها بقلب مفتوح؟ هل جعلتُها تنمو من أجل خير الجميع أو في الخفاء؟ كلّ واحد منّا سيقف أمام يسوع في يوم الدينونة، إِيّاكُم أَن يُضِلَّكُم أَحَد!، إنّه تضليل الأمور السطحيّة وخدعة العيش كما ولو كنّا لن نموت أبدًا.
وبالتالي عندما يأتي الربّ كيف سيجدني؟ هل سيجدني في انتظاره أو سيجدني منهمكًا في انشغالات الحياة الكثيرة؟
أذكر أنّني عندما كنتُ طفلاً وعندما كنت أذهب إلى صفِّ التعليم المسيحيّ كانوا يعلّموننا أربعة أمور: الموت والدينونة والجحيم أو المجد، إذ أنّهما الاحتمالين الوحيدين بعد الدينونة. قد يقول لي أحدكم: "ولكن يا أبتِ هل تقول هذا الأمر لتخيفنا؟" لا إنّها الحقيقة! لأنّك إن لم تعتني بقلبك لكي يقيم الربّ معك وإن كنت تعيش على الدوام بعيدًا عن الربّ فربما أنت في خطر، خطر أن تبقي الربّ بعيدًا عنك إلى الأبد، وهذا الأمر سيّئ جدًّا!
بعدها دعا البابا فرنسيس الجميع للتفكير حول كيف ستكون نهاية كلّ واحد منهم وماذا سيحصل أمام الربّ، وقدّم لهم النصيحة للهروب من الخوف في تلك اللحظة النصيحة التي يقدّمها يوحنّا الرّسول من سفر الرؤيا (رؤ 2/ 10): "كُن أَمينًا حَتَّى المَوت فسأعطيكَ إِكليلَ الحَياة". فالأمانة للربّ لا تُخيِّبنا أبدًا.
إن كنّا أمناء للربّ، عندما ستأتي ساعة الموت سندعوه قائلين: "تعالَ يا أخي فأنت لا تخيفني"، وعندما سيأتي يوم الدينونة سننظر إلى الربّ ونقول له: "يا ربّ إنَّ خطاياي كثيرة ولكنّني سعيت كي أكون أمينًا على الدوام"، وكما نعلم إنّ الربّ صالح!
لذلك أعطيكم هذه النصيحة: "كُن أَمينًا حَتَّى المَوت – يقول الرَّبّ – فسأعطيكَ إِكليلَ الحَياة"، بهذه الأمانة لن نخاف من الموت أبدًا ولن نخاف من الدينونة!
إذاعة الفاتيكان.