إنّ دمار العائلات والشعوب يبدأ بالغيرة والحسد

متفرقات

إنّ دمار العائلات والشعوب يبدأ بالغيرة والحسد

 

 

 

 

 

 

 

"إنّ دمار العائلات والشّعوب يبدأ بالغيرة والحسد بسبب الأمور الصّغيرة وبالتالي ينبغي علينا أن نوقف فورًا الشّعور بالاستياء والامتعاض الذي يلغي الأخوّة" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح اليوم الإثنين في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان.

 

تمحورت عظة الأب الأقدس حول القراءة من سفر التكوين (4/ 1 - 15، 25) والتي تخبرنا عن قايين وهابيل وقال إنّها المرّة الأولى التي نجد فيها في الكتاب المقدّس كلمة أخ. إنّها قصّة أخوّة كان ينبغي عليها أن تنمو وتكون جميلة ولكنّها دُمِّرت. إنّها قصّة تبدأ بشعور غيرة: لقد استاء قايين وامتعض لأنّ الله لم يقبل تضحيته وبدأ يغذّي ذلك الشّعور في داخله. لقد كان بإمكانه أن يسيطر عليه ولكنّه لم يفعل.

 

 لقد فضّل قايين الغريزة وفضّل أن يغذّي في داخله هذا الشّعور ويكبّره ويجعله ينمو. وتلك الخطيئة التي سيرتكبها لاحقـًا كانت متربّصة خلف ذلك الشّعور والذي كان ينمو. هكذا تنمو العداوات بيننا: تبدأ بأمر صغير أو بشعور غيرة أو حسد ومن ثمّ ينمو ويكبر؛ وتصبح رؤيتنا للحياة تمرُّ فقط من خلال هذه النقطة، ويصبح ذلك القذى خشبة بالنسبة لنا، فتتمحور عندها حياتنا حول تلك الخشبة وتَتَدمَّر الأخوّة.

 

شيئًا فشيئًا يصبح هوسًا ويستحوذ علينا هذا الشرّ الذي ينمو باستمرار، فينمو وينمّي العداوة. فأبتعد عن أخي، ويصبح عدوًا لا أخًا بعد الآن وبالتالي يجب أن يُدمَّر ويتمَّ إبعاده... وهكذا يدمّر الأشخاص بعضهم البعض وتدمّر العداوات العائلات والشّعوب وكلّ شيء.

 

هذا الهوس هو الذي استحوذ على قايين فقتل أخاه في النهاية. فلم يعد هناك أخ ولا أخوّة بل هو وحسب. إن ما حدث في البدء يمكن أن يحدث اليوم للجميع ولذلك ينبغي علينا أن نوقف هذا الشّعور فورًا، لدى أولى بوادره وعند أوّل مرارة... إنّ المرارة ليست مسيحيّة أمّا الألم فمسيحيّ! والامتعاض ليس مسيحيًّا أمّا الألم فمسيحيّ! وما أكثر العداوات والانقسامات.

 

هذا وقد شارك في قدّاس اليوم بعض كهنة الرّعايا الجُدد لذلك تابع البابا فرنسيس في هذا السياق يقول كم من الانقسامات تبدأ هكذا أيضًا بين الكهنة والأساقفة: لماذا تمّ تعيين فلان في ذلك المنصب ولم يتمّ تعييني أنا؟ ولماذا كذا وكذا...؟ أمور صغيرة... انقسامات... فتتدمّر الأخوّة. سأل الله قايين: "أَينَ هابيلُ أَخوك؟" فأجاب قايين بسخريّة قائلاً: "لا أَعلَم! أَلَعَلّي حارِسٌ لأَخي؟". نعم أنت حارس لأخاك، وقال له الرّب: "إِنَّ صَوتَ دِماءِ أَخيكَ صارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرض". يمكن لكلِّ فردٍ منّا أن يقول إنّه لم يقتل أحدًا ولكن إن كنت تحمل في داخلك شعورًا شرّيرًا تجاه أخاك فقد قتلته، وإن أهنت أخاك فقد قتلته في قلبك أيضًا.

 

 كم من المقتدرين في الأرض قد يقولون: "تهمّني هذه المنطقة أو قطعة الأرض هذه... وإن وقعت قنبلة وقتلت مائتي طفل فهذا ليس ذنبي وإنّما ذنب القنبلة. كلّ ما يهمّني هو هذه المنطقة". كلُّ شيء يبدأ بهذا الشّعور الصّغير الذي يجعلك تبتعد عن الآخر وتصنّفه قائلاً: "فلانٌ كذا وكذا...، هو ليس أخي" وينتهي الأمر بنا في حرب قاتلة. لقد كنتَ أنت أوّل من قتل. هذه هي عمليّة الدّم، ودم العديد من الأشخاص في العالم يصرخ اليوم من الأرض إلى الله. كلُّ شيء يرتبط ببعضه البعض. ذاك الدّم مرتبطٌ بحسدي وغيرتي اللذين شعرت بهما عندما دمّرت الأخوّة.

 

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول ليساعدنا الرَّبّ اليوم لنكرّر كلمته: "أَينَ أَخوك؟"، وليساعدنا لنفكّر بالذين ندمّرهم بألسنتنا والذين لا تتمُّ معاملتهم في العالم كأشياء ولا كإخوة لأنّ قطعة الأرض أهمّ من رابط الأخوّة.  

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.