"الَّذينَ يَسمَعونَ كَلامَ اللهِ وَيَعملونَ بِهِ" هذا هو مبدأ العائلة بالنسبة ليسوع، عائلة أوسع من تلك التي أتت بنا إلى العالم هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح اليوم الثلاثاء في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان والتي استهلّها انطلاقـًا من إنجيل القدّيس لوقا (8/ 19- 21) الذي يقول فيه يسوع لتلاميذه والجموع: "إِنَّ أُمّي وَإِخوَتي هُمُ الَّذينَ يَسمَعونَ كَلامَ اللهِ وَيَعملونَ بِهِ"
وهذا الأمر يجعلنا نفكِّر بمبدأ الحميميّة والإلفة مع الله ويسوع والذي يذهب أبعد من التتلمُذ والصداقة، كما وهو ليس موقفًا رسميًّا أيضًا، فما هو إذًا معنى هذه الكلمة التي استعملها آباء الكنيسة وعلّموها لسنوات؟
إنّها تعني قبل كلّ شيء الدّخول إلى بيت يسوع، والدّخول إلى جوِّ بيت يسوع وعيشه. فنعيش هناك ونتأمّل ونكون أحرارًا، لأنَّ الأبناء هم أحرار والذين يقيمون في بيت الرّب هم أحرار أيضًا وكذلك الذين يعيشون بحميميّة معه. أمّا الآخرون، وسأستعين بتعبير من الكتاب المقدّس، فهم "أبناء الأمة"، إنّهم مسيحيّون ولكنّهم لا يجرؤون على الاقتراب من الرّبّ وعيش هذه الحميميّة معه وبالتالي سيكون هناك على الدوام مسافة تفصلهم عن الرَّبّ.
لكنّ الحميميّة والإلفة مع يسوع، كما يعلّمنا القدِّيسون الكبار، هما الإقامة معه والنظر إليه والإصغاء لكلماته والسّعي لعيشها والتحدُّث معه. والكلمة هي الصّلاة، إنّها تلك الصّلاة التي تصبح أيضًا دربًا ومسيرة وهذه الحميميّة قد عاشها القدِّيسون، وكانت القدِّيسة تريزيا الطفل يسوع تقول في هذا السياق أن هذه الحميميّة هي جميلة جدًّا لأنّها تجعلك تجد الرَّبّ في كلِّ مكان، وبالتالي كانت تعيشها في كلِّ لحظة من يوميّاتها حتى بين الطناجر والقدور في المطبخ.
إنّ الحميميّة هي الإقامة في حضرة يسوع كما يوصينا هو نفسه في العشاء الأخير أو كما تُذكّرنا بداية إنجيل يوحنّا، عندما رأى يوحنّا المعمدان يسوع مُقبِلاً إِليهِ، فقالَ: "هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرفَعُ خَطِيَّةَ العَالَمِ!" وللحال تبعه يوحنّا وأندراوس وأَقاما عِندَه ذلك اليَوم.
هذا هو موقف الحميميّة وليس موقف الصّلاح الذي يتحلّى به المسيحيّون الذين يبقون على مسافة من يسوع وبالتالي لنتقدّم في مسيرة الحميميّة مع الرّب. ولنكن مسيحيِّين، بالرّغم من مشاكلهم، ولكنّهم يتحدّثون مع الرَّبّ أينما كانوا عالمين أنّه قريب وينظر إلينا: هذه هي الحميمية والقرب وهذا هو الشّعور بأنّنا عائلة يسوع. لنطلب هذه النعمة لنا جميعًا لنفهم معنى الحميميّة مع الرّبّ وليمنحنا الرّبّ هذه النعمة.
إذاعة الفاتيكان.