إعلان وشفاعة ورجاء

متفرقات

إعلان وشفاعة ورجاء

 

 

 

إعلان وشفاعة ورجاء

 

 

"إعلان وشفاعة ورجاء" هذه هي النقاط الثلاثة التي تمحورت حولها عظة البابا فرنسيس في القدّاس الإلهيّ الذي ترأسه صباح اليوم الجمعة في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان وأكّد الأب الأقدس في تأمُّله الصباحي أنّ المسيحي هو إنسان رجاء، ويرجو عودة الرّبّ؛ وحثّ البابا جميع المؤمنين على التحلّي بشجاعة البشارة على مثال الرّسل الذين شهدوا لقيامة المسيح من الموت وبذلوا حياتهم في سبيل هذه البشارة.

 

ثلاثة أبعاد للحياة المسيحيّة: الإعلان والشفاعة والرّجاء، استهلَّ الأب الأقدس عظته انطلاقـًا من القراءات من كتاب أعمال الرّسل (14 / 21- 27) ومن إنجيل القدّيس يوحنّا (13/ 31 - 35) ليتوقف للتأمّل عند هذه الأبعاد الثلاثة التي ينبغي أن تميّز حياة المؤمن. إنّ جوهر البشارة بالنسبة للمسيحيّ، هو أنّ يسوع مات وقام من الموت من أجلنا لكي يفتدينا ويخلّصنا.

 

يسوع حي! هذا هو الإعلان الذي حمله الرّسل لليهود والوثنيِّين في زمنهم وشهدوا لهذا الإعلان من خلال بذل حياتهم وسفك دمائهم. فعندما أُحضر يوحنّا وبطرس أمام رؤساء الشيوخ والكتبة في المجلس بعد شفائهما لرجل كسيح نَهَوْهما نَهْيًا قاطِعًا أَن يَذكُرا اسمَ يَسوعَ أَو يُعَلِّما بِه. فأَجابَهم بُطرُسُ ويوحَنَّا: "أَمِنَ البِرِّ عِندَ اللهِ أَن نسمَعَ لَكُم أَمِ الأَحْرى بِنا أَن نسمَعَ لله؟ اُحكُموا أَنتُم. أَمَّا نَحنُ فلا نَستَطيعُ السُّكوتَ عن ذِكْر ما رَأَينا وما سَمِعنا".

 

هذه هي البشارة! ونحن المسيحيون نلنا بالإيمان الرّوح القدس الذي يجعلنا نرى ونصغي لحقيقة يسوع الذي مات من أجل خطايانا وقام من الموت. هذا هو إعلان الحياة المسيحيّة: المسيح حيّ! المسيح قام من بين الأموات! المسيح يقيم بيننا في الجماعة ويرافقنا في المسيرة! إنّه إعلان يُصعب قبوله، ولكن المسيح القائم من الموت هو واقع ومن الأهميّة بمكان أن نشهد لهذا الواقع كما يؤكّد بطرس ويوحنّا.

 

بعد التحدّث عن الإعلان انتقل الحبر الأعظم للحديث عن الشّفاعة. وقال خلال العشاء الأخير في ليلة خميس الأسرار، كان التلاميذ حزانى لكن يسوع قال لهم: "لا تضطرب قلوبكم. أنتم تؤمنون بالله، فآمنوا بي. في بيت أبي منازل كثيرة. وإلّا فإنّي كنت قد قلت لكم. أنا أمضي لأعدَّ لكم مكاناً. وإن مضيت وأعددت لكم مكاناً، آتي أيضاً وآخذكم إليَّ، حتّى حيث أكون أنا، تكونون أنتم أيضاً".

 

ماذا يقصد يسوع بهذا الكلام؟ كيف يُعدُّ لنا يسوع مكانًا؟ من خلال صلاته من أجل كلّ فردٍ منّا. يسوع يصلّي من أجلنا وهذه هي الشفاعة فيسوع يعمل من خلال صلاته من أجلنا. تمامًا كما قال مرّة لبطرس قبل الآلام: "سِمعان سِمعان، هُوذا الشَّيطانُ قد طَلَبكُم لِيُغَربِلَكُم كَما تُغَربَلُ الحِنطَة. ولكِنَّي دَعَوتُ لَكَ أَلاَّ تَفقِدَ إِيمانَكَ. وأَنتَ ثَبِّت إِخوانَكَ متى رَجَعتَ". وبالتالي يسوع هو الشّفيع بين الآب وبيننا.

 

 وكيف يصلّي يسوع؟ أعتقد أنّ يسوع يُظهر جراحه للآب، لأنّه حمل جراحه معه بعد القيامة، وبالتالي فهو يُظهر جراحه للآب ويذكر اسم كلّ واحد منّا أمامه. هذه هي صلاة يسوع وفي هذا الوقت يسوع يشفع فينا.

 

وفي الختام توقـَّف الأب الأقدس عند البُعد الثالث الذي يميّز حياة المسيحيّ وهو الرّجاء، وقال المسيحيّ هو رجل أو امرأة رجاء، يرجو عودة الرّبّ. وبالتالي فالكنيسة بأسرها تنتظر مجيء المسيح الثاني، لأنّ يسوع سيعود وهذا هو الرّجاء المسيحيّ.

 

وختم الأب الأقدس عظته بالقول يمكن لكلِّ واحدٍ منّا أن يسأل نفسه: كيف هو الإعلان في حياتي؟ كيف هي علاقتي بيسوع الذي يتشفّع بي؟ وكيف هو رجائي؟ هل أؤمن فعلاً بأن الرّبّ قد قام من الموت؟ هل أؤمن أنّه يرفع الصَّلاة إلى الآب من أجلي؟ في كلِّ مرّة أدعوه هو يصلّي من أجلي ويتشفـَّع بي. هل أؤمن فعلاً بأنّ الربّ سيعود؟ سيساعدنا أن نسأل أنفسنا عن إيماننا: هل أؤمن بالإعلان؟ هل أؤمن بالشّفاعة؟ هل أنا رجل أو امرأة رجاء؟ 

 

إذاعة الفاتيكان.