تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الاثنين صلاة "افرحي يا ملكة السماء" مع وفود الحجاج والمؤمنين احتشدوا في ساحة القديس بطرس، وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها:
في يوم الاثنين هذا بعد عيد الفصح والذي يُدعى "اثنين الملاك" لا تزال قلوبنا تفيض بالفرح الفصحي. بعد زمن الصوم، زمن التوبة والإرتداد الذي عاشته الكنيسة بشكل مميّز في هذه السنة المقدّسة للرحمة، وبعد احتفالات الثلاثيّة الفصحيّة المؤثرة نقف اليوم أيضًا أمام قبر يسوع الفارغ ونتأمّل بدهشة وامتنان السرّ الكبير لقيامة الرّبّ.
إن الحياة قد غلبت الموت، والرحمة والمحبة غلبتا الخطيئة! نحن بحاجة للإيمان والرجاء لننفتح على هذا الأفق الجديد والرائع. نحن نعلم أن الإيمان والرّجاء هما عطيّتان من الله، وينبغي علينا أن نطلبهما: "يا رب أعطني الإيمان، وأعطني الرّجاء!" لأننا بحاجة ماسة لهما.
لنسمح بأن تجتاحنا هذه المشاعر التي يتردّد صداها في النشيد الفصحي "المسيح قام حقًا! إنا لواثقون". الرّبّ قد قام وهو حاضر في وسطنا! هذه الحقيقة قد طبعت بشكل دائم حياة الرسل الذين، وبعد القيامة، أحسّوا مجدّدًا بضرورة إتباع معلّمهم، وبعد أن نالوا الروح القدس، انطلقوا بدون خوف ليعلنوا للجميع ما رأوه بأعينهم واختبروه شخصيًّا.
في هذه السنة اليوبيلية نحن مدعوون لنكتشف مجدّدًا ونستقبل بقوّة مميّزة إعلان القيامة المُطمئن: "قام المسيح رجائي!". فإن كان المسيح قد قام يمكننا إذًا أن ننظر بأعين وقلوب جديدة إلى كل أحداث حياتنا، حتى تلك السلبيّة؛ ويمكن للحظات الظلمة والفشل والخطيئة أن تتحوّل وتعلن مسيرة جديدة.
عندما نكون قد لمسنا غور بؤسنا وضعفنا يمنحنا المسيح القائم من الموت القوّة لننهض مجدّدًا. إن سلّمنا أنفسنا له فستخلِّصنا نعمته! إن الرب المصلوب والقائم من الموت هو الظهور الكامل للرحمة الحاضرة والعاملة في التاريخ. ها هو صدى الرسالة الفصحيّة يتردد اليوم مجدّدًا وسيتردد خلال الزمن الفصحي بأكمله وصولاً إلى العنصرة.
تابع الحبر الأعظم يقول لقد كانت مريم الشاهدة الصامتة لأحداث آلام يسوع وقيامته، هي التي وقفت عند أقدام الصليب: لم تنحني أمام الألم لأن الإيمان قوّاها، وفي قلبها الوالدي المُمزّق بقيت شعلة الرّجاء متّقدة. لنطلب منها أن تساعدنا أيضًا في قبول ملء الإعلان الفصحي للقيامة لنجسّده بشكل ملموس في حياتنا اليوميّة.
وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة "افرحي يا ملكة السماء" بالقول لتمنحنا العذراء مريم يقين الإيمان بأن كل خطوة ألم في مسيرتنا التي يضيئها نور الفصح ستصبح بركة وفرحًا لنا وللآخرين ولاسيما للذين يتألّمون بسبب الأنانيّة واللامبالاة.
وبعد الصلاة وجّه الأب الأقدس نداء قال فيه أمس في باكستان، لُطِّخَ عيد الفصح المجيد بالدماء بسبب اعتداء مروِّع أودى بحياة العديد من الأشخاص الأبرياء وأكثرهم عائلات من الأقليّة المسيحيّة – ولاسيما نساء وأطفال – كانت مجتمعة في منتزه عام لتمضية عيد الفصح بفرح. أرغب بالتعبير عن قربي من الذين تضرروا بسبب هذه الجريمة الدنيئة والتافهة، وأدعو لرفع الصلاة إلى الرّبّ من أجل الضحايا العديدة وأحبائهم.
أوجّه نداء للسلطات المدنيّة وجميع المكونات الإجتماعية في تلك الأمّة لكي يقوموا بكل الجهود الممكنة لإعادة الأمان والسكينة للمواطنين ولاسيما للأقليات الدينية الأشد ضعفًا. أكرر مرّة أخرى أن العنف والحقد القاتل يقودان فقط إلى الألم والدمار؛ الاحترام والأخوّة هما الدرب الوحيد لبلوغ السلام. ليولّد فينا فصح الرب، بشكل أقوى، الصلاة لله لكي تتوقف أيدي الغاصبين الذين يزرعون الرعب والموت، وتسود في العالم المحبة والعدالة والمصالحة. لنصلِّ إذًا من أجل جميع ضحايا هذا الاعتداء ومن أجل عائلاتهم والأقليات المسيحية والاثنية في تلك البلاد.
إذاعة الفاتيكان.