ولدت مارينا في أنطاكية وكان أبوها داسيوس من كهّان الأصنام متعصِّبًا لوثنيّته، كثير النفوذ والثروة. ماتت أمُّها وتركتها طفلة، فسلَّمها أبوها إلى إحدى المُرضعات المسيحيّات لتُعنى بتربيتها. فأخذت تغذّيها الإيمان بالمسيح مع الحليب وتُدرّبها على مبادئ الدّين القويم، فأحبّته واعتنقته واعتمدت ونذرت بتوليّتها لله. وشرعت تُمارس الفضائل المسيحيّة.
فلمّا عرف أبوها أنّها أصبحت مسيحيّة، حزن جدًا وأخذ يبذل جميع الوسائل ليحملها على الكفر بالمسيح فلم يرَ منها إِلاَّ الثبات في إيمانها ومحبّتها ليسوع المسيح، بل حاولت أن تُقنعه بنبذ الوثنيّة لما فيها من خرافات فغضب جدًّا وأوسعها إهانةً وشتمً وطردها من بيته.
ولمَّا جاء الوالي أولمبريوس إلى أنطاكية في زمن الاضطهاد اتّفق أن وقع نظره على مارينا فشغف بجمالها فسألها عن اسمها وأسرتها. فأجابت بكلِّ رصانة: "إسمي مارينا، أمّا الاسم الذي أتشرف به، فهو: مسيحيّة". فحنق الوالي وأخذ يتملّقها بكلّ حيلة فلم ينل منها مأربًا. عندئذٍ أمر فجلدوها حتّى تمزَّق جسدها وسال دمها فكانت صابرة تشكر الله. وسمعت صوتًا يقول لها: تشجّعي لا تخافي.
ثمّ أعاد الوالي الكرّة عليها بالتّهديد والوعيد إن لم تضحِّ للأصنام. فأجابت عبثًا تحاول أن تفصلني عن محبّة المسيح. فكووا ثدييها وخاصرتيها بالنّار، وزجوها في بحيرة مجلَّدة فأخذت تصلّي وهي واقفة كأنّها لم تشعر بألم، فصرخ الحاضرون: إِنَّ إِله مارينا هو الإله العظيم، لقد سمع صلاتها وصنع العجائب. وآمن كثيرون منهم بالمسيح.
فخاف الوالي من فتنةٍ في الشّعب فأمر بضرب أعناق الذين آمنوا فاعتمدوا بسفك دمائِهم وفازوا بالسّعادة الأبديّة. أمّا مارينا فأخذوها خارج المدينة، حذرًا من أعجوبة أخرى تُبهر الناس فيؤمنون، وهناك جثت تصلّي فضربوا عنقها فذهبت نفسها ترتع بالمجد الأبديّ في السنة 280. صلاتها معنا. آمين.