كانت هذه البارّة في أيّام الملك قسطنطين الزبلي محارب الأيقونات، راهبة في أحد ديورة القسطنطينيّة، وكانت رئيسة على نحو تسعمئة راهبة. وقد اشتهرت بقداستها وغيرتها على تكريم الأيقونات.
فطلبها الملك وأخذ يتملقها ويتهدّدها لتقلع عن عبادتها للأيقونات، فلم تذعن له، بل وبّخته بكلِّ جرأة على كفره. فغضب الملك وأمر بتعذيبها فحمّوا بالنار أيقونات من نحاس ووضعوها على رأسها وتحت قدميها، فلم تؤذِها. فجلدوها جلداً قاسياً، فلم تتزعزع عن عزمها وإيمانها.
فحكم الملك الظالم بالنفي، فكانت في منفاها معتصمة بجميل الصبر، عاكفة على ممارسة الفضائل، فمنحها الله موهبة صنع المعجزات فردت كثيرين إلى معرفة الحقّ والتمسّك بتكريم الصّور المقدَّسة لأنَّ إكرامها يعود إلى مَن تمثلهم. وبمثل هذه المبرّات رقدت بالرّبّ سنة 760. صلاتها معنا. آمين.
وفيه أيضاً: تذكار المجمع السادس المسكوني المقدس.
عقد هذا المجمع المسكوني المقدّس في القسطنطينيّة، في أيّام البابا أغاتون (618 – 681) والملك قسطنطين الليحاني إلتقي. وكان الداعي إلى انعقاده، إزالة الإنقسام بين الكنيسة الشّرقية والغربية الذي سبّبته بدعة المشيئة الواحدة. وكان عدد آباء هذا المجمع مئتين وخمسة وثمانين أسقفاً وأرسل إليه البابا نوابًا ثلاثة يمثلونه فيه.
وقد حضر هذا المجمع الملك قسطنطين بنفسه وكان من المدافعين عن المعتقد الكاثوليكيّ. مسانداً نواب البابا. وبعد البحث والجدال، اتفق آباء المجمع على المعتقد الصّحيح بالمشيئتين الإلهيّة والبشريّة في السيِّد المسيح. ولم يبق متشبثًا بالبدعة سوى مكاريوس بطريرك إنطاكية وكاهنه اسطفانوس. فحرم المونوتيلية وجميع القائلين بها وحدّد أن في الكلمة المتجسد مشيئتين وطبيعتين.
وقد أثبت البابا لاوون الثاني أعمال هذا المجمع (682 – 683). وأقام المجمع على كرسي إنطاكية تاوافانوس بدلاً من مكاريوس.
أمّا آباء الكنيسة الإنطاكية والأورشلمية، فلم يتمكنوا من الذهاب إلى هذا المجمع، لأن العرب كانوا قد استولوا على بلادهم وقطعوا كل علاقة بينهم وبين القسطنطينية. وقد أصدر الملك قسطنطين منشوراً خاصاً بقرارات المجمع إلى الكنائس الكائنة تحت حوزته ما عدا الواقعة تحت حكم العرب ولهذا بقيت أحكام هذا المجمع مجهولة عندهم وعند الموارنة الذين كانوا متمسِّكين بمعتقد الكنيسة الرومانية الصّحيح منذ زمان هرقل رافضين البدعة المونوتيلية وضلالها. آمين.