إنّ هذا القدّيس العظيم كان تلميذًا للرّسل وصديقـًا للقدّيس بوليكربوس أسقف إزمير. وقد جاء في التّقليد الكنسيّ إنّ القدّيس أغناطيوس هو ذاك الطفل الذي باركه يسوع وقال: "إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال فلن تدخلوا ملكوت السّماوات" (متى 18: 3و4).
وقد لُقِّب "بثاوفوروس" باليونانيّة أي المتوشِّح بالله لانشغافه بمحبّة السيّد المسيح. أُقيم أسقفـًا على أنطاكية، فكان الخليفة الثاني للقدّيس بطرس على الكرسيّ الأنطاكيّ عام 79.
ولمّا جاء الملك ترايانوس الظالم إلى أنطاكية وكانت قد بلغته شهرة أغناطيوس وغيرته على بثِّ الرّوح المسيحيّ في الشّعب، سأله: "أأنت من يسمُّونه ثاوفوروس الذي يعصى أوامري ولا يعترف بآلهتي؟" – فأجابه القدّيس بكلّ شجاعة وسكينة:
"نعم أنا هو حامل يسوع المسيح، لأنّه هو الإله الحقيقيّ وما آلهتكم سوى تماثيل صمَّاء جامدة لا فائدة منها".
فدعاه الملك إلى أن يقدِّم ذبيحة للآلهة، فقال القدّيس: "أنا كاهن يسوع المسيح وله أقدِّم الذبيحة كلّ يوم وأشتهي أن أقدِّم له حياتي ذبيحة". عندئذ أصدر الملك حكمه عليه بأن يُقاد إلى روما وبأن يُطرح هناك للوحوش أمام الشّعب الرّومانيّ في حفلات الأعياد، ليتسلّى ذلك الشّعب برؤية عظيم من عظماء المسيحيّة تمزِّقه أنياب الوحوش الضارية.
اهتز قلب أغناطيوس لهذا الحكم طربًا وشكر الله على نعمة الإستشهاد. وأسرع الأساقفة والكهنة والشّعب يودّعونه بالدّموع.
أركبوه سفينة سارت بهم إلى إزمير، حيث أسرع أسقفها صديقه بوليكربوس يعانقه بدموع الحزن والفرح. وقد أسرعت كنائس آسيا بأساقفتها وشعبها إلى وداعه، فتعزّى بهم وزوَّدهم ثلاث رسائل بها يحثُّ على الصّبر والثبات في الإيمان، وهي تفيض بالمحبّة للسيّد المسيح وبالتواضع العميق والعطف الأبويّ. ثمّ ركب السًّفينة وأقلع مع الشمّاسَين فيلمون وأغاثون.
ومن إزمير كتب رسالته الشّهيرة إلى أهل روما، بها يرجوهم أن لا يردُّوا الوحوش عنه بصلواتهم، بل يقول لهم: "لا بدَّ لي أن أطحن بأنياب الوحوش لأصبح خبزًا جيّدًا على مائدة المسيح".
ولمّا جاؤوا به الى الملعب حيث كانت الجماهير، جثا على الأرض وقدَّم ذاته ذبيحة لله وصلّى من أجل الكنيسة. فهجمت عليه الوحوش فمزَّقته وافترسته، وهو يدعو باسم يسوع المسيح. وكان استشهاده سنة 107.
جمع شمّاساه فيليمون وأغاثون عظامه، وجاءا بها إلى أنطاكية حيث دفناها في ضريح فاض بالنِعم والعجائب. صلاته معنا. آمين.