مَلكوتُ الله

القوت اليومي

مَلكوتُ الله

     

 

 

 

 

 يَظهَرُ سِرُّ الكنيسَةِ المُقدَّسَةِ في تَأسيسِها. وفي الحَقيقة، لقدْ أسَّسَ السَيِّدُ المَسيحُ كنيسَتَهُ عِنْدَما كَرَزَ بِالبِشارَةِ السَعيدَة، أيْ مَجيءِ مَلكوتِ اللهِ الموعودِ بِهِ في الأسْفارِ المُقدَّسَةِ مُنذ الأجْيالِ، "أنْ قدْ تَمَّ الزّمانُ وَاقتَرَبَ مَلكوتُ الله".

 

وَلقدْ تَألـَّقَ هذا المَلكوتُ لِلبَشَرِ في كَلامِ المَسيحِ وَحُضورِهِ وَأعْمالِه. أجَلْ وَقدْ شُبِّهَ كلامُ الرَّبِّ بِالزَّرْعِ الذي يُبْذَرُ في حَقل، فالذين يَسْمَعونَهُ بِإيمانٍ وَهُمْ مُلتَحِقونَ بِقطيعِ المَسيحِ الصَّغير، قدْ قبِلوا المَلكوتَ نَفْسَهُ.

 

ثمَّ يَنْبُتُ الزَرْعُ بِقُوَّتِهِ الذاتِيَّة، وَيَنْمو إلى زَمَنِ الحَصاد. وَتَثبِتُ مُعْجِزاتُ المَسيحِ أيْضاً أنَّ المَلكوتَ قدْ حَلَّ على الأرض : "إذا كُنْتُ أنا بِإصْبَعِ اللهِ أخْرِجُ الشَياطين، فقدِ اقتَرَبَ مِنْكُم مَلكوتُ الله". وَقبْلَ كُلِّ ذلِكَ ظَهَرَ المَلكوتُ في شَخْصِ المَسيحِ بِالذات، ابْنِ اللهِ وابْنِ البَشَر، "الذي أتى لِيَخْدُمَ وَيَبْذلَ نَفْسَهُ فِداءً عَنْ كثيرين".

      

وَلمَّا قامَ المَسيحُ مِنَ المَوْت، بَعْدَ أنِ احْتَمَلَ لأجْلِ البَشَرِ مَوتَ الصَّليب، بَدا أنَّه أقيمَ رَبّاً وَمَسيحاً وَحَبْراً إلى الأبَد، وَأفاضَ الرُّوحَ المَوْعودَ بِهِ مِنَ الآبِ على تَلاميذِهِ.  وَهَكذا مُنِحَتِ الكنيسَة، المُزَوَّدَةُ بِعَطايا مُؤسِّسِها، وَالأمينةُ بِاجْتِهادٍ على حِفْظِ وَصاياهُ في المَحَبَّةِ والتَواضُعِ وَبَذلِ الذات، رِسالةَ التَبْشيرِ بِمَلكوتِ المَسيحِ واللهِ وإنْشائِهِ بينَ الشُّعوب، وَجَعَلها زَرْعَ هذا المَلكوتِ وَبَدأهُ على الأرْض.

 

بَيْنَما كانَت هذِهِ الكنيسَةُ تَنْمُو رُوَيْداً رُوَيْدا، كانَتْ تَتوقُ إلى كمالِ هذا المَلكوت، مُتَرَجِّيَة ً مِنْ كُلِّ قِواها، وَمُتَشَوِّقة ً إلى أنْ تَجْتَمِعَ في المَجْدِ بِمَلِكِها.

 

 

 

                                                                  

(دستور عقائدي في الكنيسة ، 5)

 

مِنْ وَثائِقِ المَجْمَعِ الفاتيكاني الثاني المَسْكُوني