مناجاة على لسان مريم

القوت اليومي

مناجاة على لسان مريم

بمثل تلك الكلمات التهبت أحشاء مريم:

من الذي وهبني أنا البتول أن أحمل في بطني وألد ذاك الواحد الذي يملأ الكلّ!

إنّه طفل صغير، لكنّه عظيم!

فهو بكليّته معي، وهو بكليّته يملأ كلّ مكان!

في اليوم الذي جاء فيه جبرائيل إلى ضعفي صرت حرّة وليس عبدة!

فأنا أمة لألوهيّتك، وأمّ لناسوتيّتك، يا إلهي وابني!

يا ابن الملك... لقد صارت بك العبدة فجأة ابنة للملك.

هوذا أحقر من في بيت داود وهي ابنة الأرض، قد دخلت بك يا ابن داود السّماء!

كم أنا مندهشة، فإنّ الطفل الرّاقد أمامي هو أقدم من كل شيء،

عيناه تحملقان في السّماء بغير انقطاع،

وفمه يبدو - حسب ظنّي - يلهج بسكونه محدثاً الله (الآب)...

 أيّها الينبوع... كيف أفتح لك ينبوع اللبن؟!

أو كيف أطعمك، وأنت تقوت الكلّ من مائدتك؟!

كيف أقمتك باللفائف يا من تلتحف بأشعّة المجد!؟

يا ابن الواحد... إنّ فمي لا يعرف كيف يدعوك؟

فإنّني أرتعب عندما أتجاسر فأدعوك ابنًا ليوسف،

لأنك لست من زرعه، أخاف أن أنكر اسم ذاك الذي خطبت له.

 أأدعوك إذاً ابناً لكثيرين، وأنت ابن الله الواحد؟!

إنّ عشرة آلاف اسم لا تكفيك، فأنت ابن الله وابن الإنسان أيضًا.

نعم، أنت ابن داود وربّ مريم!

من الذي جعل إله كلّ فم يصمت؟!

فقد قام الناس عليّ بسبب حملي الطاهر بك...

 السّجن معك ليس هو بسجنٍ، إذ بك ينطلق الإنسان إلى السّماء.

والقبر معك ليس بقبرٍ، لأنك أنت هو القيامة!

مار افرام السرياني