ما عسَاها أنْ تمثِّل حياةُ شربل؟

القوت اليومي

ما عسَاها أنْ تمثِّل حياةُ شربل؟






إنّها تمثِّلُ التَّمرّسَ غير المنقطع إلى أقصَى حَدِّهِ، بالنُّذورِ الرُّهبانِيَّةِ الّتي عاشَها في الصّمْت، وفي التجرّدِ الرُّهبانيِّ التام. لقد تمرَّسَ بالفَقرِ في مَا خصَّ المسكن والملْبس، والطّعام الّذي اقتصر على وجْبَةٍ واحدةٍ يومِيًّا، والأعمالَ اليَدويَّةَ الشَّاقةَ في منَاخِ الجبَلِ القاسِي؛ وتمرَّسَ بِطهارة أحاطها بِسهر ودقَّةٍ خارِقين، وبطاعةٍ تامَّةٍ لرُؤسَائِهِ، وحتّى لإخْوانهِ الرُّهبانِ ولِقوَانينِ الحُبَسَاء.


وهكذا أَظهرَ طاعتَه التَّامَّة لله. لكنَّ الأساسَ في هذه الحياةِ الّتي تَبدو غريبَةً، هو البحثُ عن القَداسة، أعْني المُطابقةَ التَّامَّةَ لإرادة المسيحِ الوضيعِ الفقير، والحديث غير المُنقَطعِ مع الربّ، والإشتراكَ الشَّخصيَّ في ذبيحةِ المسيحِ في الإحتفالِ بالقُدَّاسِ بِحَرارةٍ، وبالإماتاتِ الكبيرةِ الّتي كانَ يُضيفُ إليها الإبتِهالَ مِن أجلِ الخَطأَة. وعلى الجُملَة، البَحثُ المُتواصلُ عنِ الله وحدهُ، هُوَ مِيزةُ الحياةِ الرُّهبانِيَّةِ مَعَ العُزلَةِ الّتي تتميَّزُ بِها الحياةُ النُّسكيَّة.


 هذا التَّعْدادُ الّذي يَستَطيعُ كاتِبُو سيِرَةِ حَياتِهِ أنْ يُؤَيِّدُوهُ بأمْثالٍ واقعِيَّةٍ عِدّة، يُظهرُ وجهَ قداسَةٍ مطبوعةٍ بطابَعِ التَّقشُّف. ولْنتوقَّفْ عندَ هذا التَّناقُضِ الّذي يقِفُ أمامَهُ العالمُ مَدهوشًا، لا بلْ مُغتاظًا.  ويُمكنُ التَّسليمُ لَدَى رَجُلٍ كشربلَ مخلوف بِبُطولةٍ خارقةٍ لا يُمكنُنا أمامَها إلاّ انْ ننحَني مُتأمِّلين، خُصوصًا بِثباتِهِ الّذي يَتَعدَّى النَّمَطَ العَاديّ.


من خطاب البابا بولس السادس.