لينتبّه بعضنا إلى بعض

القوت اليومي

لينتبّه بعضنا إلى بعض

يمنحنا الصّوم مرّة جديدة، فرصة التفكير في جوهر الحياة المسيحيّة، أي المحبّة. الصّوم هو في الواقع زمن يسمح لنا، بتجديد طريق الإيمان الفرديّة والجماعيّة، بفضل كلمة الله والأسرار المقدسّة. إنّها طريق محفوفة بالصّلاة والمشاركة، بالصّمت والصّوم، في انتظارعيش فرح الفصح.

في عالمنا الغارق في الفرديّة، من الضّروريّ إعادة اكتشاف أهمّيّة التصحيح الأخويّ، من أجل السّير معاً على درب القداسة. " فإنّ البار يسقط سبع مرّات" (أم 24، 16) بحسب ما يقول الكتاب، ونحن جميعاً ضعفاء وغير كاملين.

لذا فمن المفيد جدّاً أن نساعد وأن نسمح للآخرين، بمساعدتنا من خلال إلقاء نظرة صادقة وحقيقيّة على أنفسنا، من أجل تحسين حياتنا الخاصّة، والسّير بمزيد من الاستقامة على درب الرّبّ. فنحنُ بحاجة دائمة إلى نظرة حبّ وتصحيح، نظرة تعرف وتعترف، تميّز وتسامح ، كما نظر الرّبّ وينظر إلى كلٍّ منا.

إنّ تلاميذ المسيح المتّحدين بالمسيح بفضل الإفخارستيّا يعيشون في شركة تربطهم الواحد بالآخر كأعضاء جسدٍ واحد. ومن هذا المنطلق، يكون الآخر متّحداً بي بطريقة معيّنة بحيث أصبحت حياته مرتبطة بحياتي، وخلاصه بخلاصي.

نتناول هنا عنصراً عميقاً جدّاً للشّركة: فوجودنا مرتبط ارتباطاً وثيقاً بوجود الآخرين، في الخير والشّرّ. فللخطيئة كما ولأعمال المحبّة أبعاد إجتماعيّة.

وفي الكنيسة التي هي جسد المسيح السّرّيّ، تنطبق هذه المعاملة بالمثل: فالجماعة لا تكفّ عن التكفير عن الذنوب وطلب المغفرة من أجل أبنائها، ولكنّها تفرح وتهلّل دائماً لأعمال الفضيلة والمحبّة التي تشهدها.

ويقول بولس الرّسول: "لتهتمّ الأعضاء بعضها ببعض اهتماماً واحداً" (1 كو 12، 25) ليصبحوا جسداً واحداً. فمحبّة الإخوة التي تُترجم من خلال التّصدّق على الفقراء، وهي الميزة الأساسيّة في زمن الصّوم إلى جانب الصّلاة والصّوم، تتجذّر في هذا الانتماء إلى جماعة.

في عالمٍ يتطلّب من المسيحيّين أن يجدّدوا شهادة الحبّ والإخلاص للرّبّ، يشعر الجميع بحاجة ملحّة إلى عمل المستحيل للتنافس في أعمال الخير والخدمة وأعمال البرّ.

وهذا التذكير مهمّ وفاعل جدّاً خلال الزّمن المقدّس الذي نستعدّ في خلاله إلى فصح القيامة. إنّي إذ أتمنّى لكم صوماً مقدساً ومثمراً، أضعكم بين يدي شفيعتنا وأمّنا العذراء مريم، وأمنحكم جميعاً ومن كلّ قلبي البركة الرّسوليّة.

من رسالة البابا بندكتس السّادس عشر لصوم 2012