إلهي، كم هو مرَّ شقاء غربتي
وكم تحزنني هذه الحياة
المشحونة بالآلام والخداع،
التي يملكها الكبرياء ويسودها النّفاق،
التي نموت فيها مختلف الميتات
بسبب نقصنا و تقلبنا،
الحياة التي تضعفها الأوجاع وينيها الحزن
ويقهرها الفقر ويلاشيها الغمّ،
ويقصَّرها الاهتمام الزّائد،
ويفسدها المرض و تثقلها الشّيخوخة
ولا يلبث الموت ان يفاجئها ،
فينسى الانسان سريعًا
ولا يوجد من يعرفه من بعد.
لعمري، هذه الحياة هي الموت بعينه .
فهي، مع مصائبها ومشقاتها.
تخفي حقيقيتها عن نظر عشّاقها.
ورغم أنها واضحة المرارة و كاذية بذاتها ،
فهي تخدع البشر بمواعيدها الخياليّة و لذاّتها الكاذبة،
ولا تزال تدير كأسها البرّاقة
وتكسر العديدين بخمر إغوائها
وتغذيهم بسراب هذيانها .
فطوبي للقلائل الذين يرغبون عن حياتها
ويحتقرون متعتها ويعفّون عن حيلتها
وهنيئاً لمن تلذوذوا بك ووجدوا عندك راحتكم
ونالوا من لذلك سلامًا دائماً وفرحًا لا يفنى
و حياةً بقربك لا يضعف
أيّها الحقّ الأزلي والفرح السّرمدي
والمجد الذي لا يزول.
القديس أوغسطينوس.