فقثق

القوت اليومي

فقثق

 

 

 

 

 

يا لسعادة النّفس

 

التي بعد انحلاها من جسدها التُّرابي

 

تصعد إلى السّماء متوشّحة بديباج الطمأنينة

 

وهي لاتخاف العدوّ ولا الموت

 

لكونها مستقرّة بحضرة سيَّدها المحبوب

 

متنعّمة بمشاهدة الرّب الذي خدمته واحبته

 

حتّى استحقّت أن تخطى به أخيراً،

 

وتنال غبطة المجد الأبدي

 

الذي لا ينقصه الدّهر ولا يخطفه خاطف

 

هذه هي النّفس التي قيل فيها:

 

نظرت إليها بنات صهيون

 

فنادت بسعادتها العجيبة

 

ومدحتها الملكات وسائر النّسوة، منشدةً :

 

من هذه الصّاعدة من البرّية

 

المستندة إلى حبيبيها،

 

من هذه المشرفة كمطلع الصبح

 

الجميلة كالقمر المختارة كالشمس

 

المرهوبة كصفوف تحت الرّيات ؟

 

كيف تخرج مبتهجةً ، بل تجدّ في سيرها

 

حالما يترامى إلى مسمعها صوت حبيبيها

 

المنشد نحوها

 

إنهضي و تعالي يا حبيبتي ، وهلمّي يا جميلتي

 

فالشتاء انقضى و المطر ذهب وزال

 

ووافى أوان القضب

 

و الأزهار ظهرت في أرضنا.

 

قد سمع صوت اليمامة، و التّينة اعطت ثمرها

 

و الكروم أزهرت زفاح نسيم أطيابها

 

هلّمي يا خليلتي ، يا جميلتي،

 

لأن صوتك عذب ووجهك بهيّ

 

تعالي يا حبيبتي يا حمامتي يا عروستي

 

يا كاملتي

 

هلّمي وانا اجعل عرشي فيك

 

لأني ارتضيت جمالك

 

هلّمي تنعّمي أمامي وارتقي مع الملائكة

 

الذين وعدتك ان أضمك إلى مصافّهم

 

تعالي من منشقّات باهظة وأخطار عديدة

 

أدخلي فرحك الذي لا يشوبه ضعف

 

ولا نقصان، ولا ينزع منك

 

فيا عروس روحي العذب

 

وإلهي و تعزيزتي وستري

 

ها إن نفسي تتوق إلى الإتّحاد بك

 

وتذوق عذوبة أطيابك التي أعددتها المختاريك

 

فأصعدني إليك وادخلني إلى جنّتك

 

وأهّلني المعاينة بهائك

 

و المتمتع بنعيم مجدك الذي لا يذوي

 

و الاستماع غلى تماجيدك السّماوية

 

ذات الأنغام السنيّة التي لاتوصف

 

التي يترنم بها الملائكة وجميع القوّات العلويّة

 

الذين أنت فيهم ممجّد ومسبح إلى الدّهور.    

 

 

القديس أوغسطينوس.