كالغَمْرِ فاضَ النُّطْقُ بِجَميع ِ الألْسِنَة،
وكالسُّوسَن ِ أزْهَرَتِ الكنائِسُ بِرَوَاءٍ عَظيم.
إنْشَعَبُوا مِنَ العِلّيَّةِ اثْنَي عَشَرَ نَهْراً،
فجَعَلوا الأرضَ عَدْنَ أشجارٍ رُوحانِيَّة.
مِنَ الآبِ انْحَدَرَ اليَنْبُوعُ غَيرُ المَحْدُود،
فامْتَلأوا مِنْهُ وَخَرَجُوا يُسْقونَ العالَمَ بِأسْرِهِ.
صارَتِ العِلّيَّةُ مَعيناً تَفَجَّرَ أنْهاراً
تَدَفّقْنَ أمْواجاً غَزيرَةً على جَميع ِ الأقْطار.
صارَتِ العِلّيَّةُ مَخْزَنَ سِلاح ٍ لِلمَلِكِ العَظيم،
مِنْهُ تَسَلّحَ جَمِيعُ جُنُودِهِ العُزَّل.
صارَتِ العِلّيَّةُ بابِلَ العَظيمَةَ لِجَميع ِ الألْسِنَة،
مِنْها سَمِعَتْ جَمِيعُ الشُّعُوبِ ألْسِنَتَها.
صارَتِ العِلّيَّةُ لُجَّةً تَدَفَّقتْ يَنابيعَ
تَجَمَّعَتْ غُدْراناً في الأمْكِنَةِ العَطْشى !
صارتِ العِلّيَّةُ بَحْرَ المِلْح ِ السَّماوِيّ،
فأعْطَتْ طَعْماً الأرضَ التّافِهَة !
أيَّتُها العِلّيَّة ُ، غَلَبْتِ بابِلَ الشَّهيرَة،
لأنَّ قِصَّتَكِ أعْظَمُ مِنْ قِصَّةِ ابْنَةِ الكِلْدانِيّين !
مِنكِ خَرَجَ تَعْلِيمُ الحَياة،
إلى شُعوبِ الأرْض، وَضَمائِرُهُم كانَتْ مُظْلِمَة !
مِنْ الألْسِنَةِ التي تَقسَّمَتْ فيكِ تَعَلّمَ كُلُّ امْرِىءٍ
أنَّ رَبَّنا بَلْبَلَ في بابِلَ جَميعَ الألْسِنَة.
وَهُوَ، هُوَ هُنا وهُناكَ مَعَ والِدِهِ،
تَبارَكَ، هُوَ الأوّلُ والآخِرُ، الذي لا يَتَبَدَّل !
(نشيد أحد العنصرة)
مار يَعقوبَ السَرُوجِيّ (+ 521)