شهود على القيامة

القوت اليومي

شهود على القيامة

 

 

بعد قيامته، كنّا لنتوقّع أن يظهر ربّنا لأكبر عدد ممكن من الناس،

 

وخاصّة لأولئك الذين صلبوه.

 

لكن على العكس، نرى أنّه تراءى لبعض الشهود المختارين فقط،

 

وخاصّة لتلاميذه المباشرين.

 

هذا ما اعترف به القدّيس بطرس حين أعلن:

 

"هو الذي أقامَه اللهُ في اليومِ الثالِث، وخَوّلَه أن يَظهَر لا للشعبِ كلّه،

 

بل للشهودِ الذينَ اختارَهم اللهُ مِن قَبل، أَي لَنا

 

نَحنُ الذينَ أكَلوا وشَرِبوا معه بَعدَ قِيامتِه من بَينِ الأموات" (أع10: 40-41).

 

كنظرة أولى، يبدو لنا هذا غريبًا.

 

في الواقع، نحن نميل إلى تكوين فكرة مختلفة تمامًا عن القيامة،

 

وإلى اعتبارها تظاهرة فاضحة ومرئيّة عن مجد المسيح.

 

من خلال تصوّرها كإنتصار علني، يمكننا أن نتخيّل حالة الإرباك والرعب

 

التي كانت لتتملّك الجلاّدين لو ظهر يسوع حيًّا أمامهم.

 

لكن اتّباع هذا المنطق سيعني أنّ ملكوت المسيح هو من هذا العالم،

 

وهذا ما ليس صحيحًا.

 

سيعني هذا أيضًا أنّ المسيح جاء في ذاك الوقت ليدين العالم،

 

وهذا ما لن يحصل إلاّ في اليوم الأخير...

 

لماذا الظهور فقط لبعض "الشهود الذينَ اختارَهم اللهُ مِن قَبل"؟

 

لأنّها كانت الوسيلة الأكثر فعاليّة لنشر الإيمان في العالم أجمع...

 

أيّ ثمار لتظاهرة علنيّة تُفرض على الجميع؟

 

كانت هذه المعجزة الجديدة لتترك الجماهير كما كانت،

 

أي بدون أيّ تغيير مفيد.

 

فإنّ معجزاته السابقة لم تكن قد أقنعت الجميع؛

 

ماذا كانوا سيقولون وبِمَ كانوا سيشعرون أكثر من قبل،

 

حتّى "لو قامَ واحِدٌ مِنَ الأموات" (لو16: 31)؟

 

تراءى المسيح ليصبح هنالك شهودًا للقيامة، وخدّامًا لكلمته ومؤسّسين لكنيسته.

 

كيف يمكن لهذه الجماهير، بطبيعتها المتقلِّبة، أن تصبح هكذا؟

 

 

الكردينال يوحنا هنري نِيومَن (1801 - 1890)