الكاهِنُ المُصَلِّي

القوت اليومي

الكاهِنُ المُصَلِّي

 

 

 

 

 الصّلاةُ هي المَكانُ الوَحيدُ فيهِ يُقيمُ الإنْسانُ كُلُّهُ، وَيَكونُ على اتِّصالٍ شَخْصِيٍّ بالله. إيمانُ كاهِنِ اليوم، إيمانُ الكاهِنِ الذي يُصَلّي. وَيُمْكِنُ القول، إيمانُ الكاهنِ الذي يَنْصَرِفُ الى التّأمُّلِ الصُّوفيّ، وإلّا فلا يَكونُ إيمانا.

 

صلاةٌ كهذهِ لا يُمكِنُها أنْ تَكونَ اليَومَ تَرَفًا شَخصيًا، مَحْصورًا بالنُّفوسِ الجَميلَةِ المُتَعَطِّشةِ إلى العِبادة. بل يَجِبُ أنْ تَتَفَجّرَ الصّلاةُ كَعَصيرٍ مِنْ ثَمَرَةٍ تُعْصَر، مِنَ القَسْوَةِ الشَّرِسَةِ التي يَلُفُّ بِها حَياتَنا عَصْرُنا المَشْغولُ، القلِقُ، على الدَّوام.

 

على كُلٍّ لا يَكونُ الكاهِنُ رَجُلَ إيمانٍ وحامِلَ رِسالةِ إيمان، إلّا إذا كانَ رَجُلَ صَلاة. فإذا بَطُلَ اللّاهُوتُ أنْ يَكونَ لاهوتَ رُكوع، فإنَّهُ لَضائِعٌ في مَشاعِبِ العِلْم، غَريقٌ في المَشاكِلِ التي تُطْرَحُ بإلحاحٍ سادِيٍّ في وَجْهِ الكنيسةِ بَدَلاً مِنْ أنْ يُعاني جَهْداً خاصّاً جادّاً للإسْهامِ في حَلِّها، فإنَّ ذلكَ ليْسَ بلاهوتٍ بل هُوَ انْحِطاطٌ الى هِوايَةِ البُورجُوازِيِّ المُتَخَلِّف.

  

فلنَكُنْ كَهَنَةً يُصَلّونَ فتُعْطِيَهُمُ الصّلاةُ قُوَّةَ تَبْديدِ ظُلُماتِ الحَياة، حتّى وَلَوْ أوْصَلَتْنا هذه الصّلاةُ إلى حَدِّ المُشارَكَةِ في الكآبَةِ التي كابَدَها يَسوعُ في بُسْتانِ النِّزاع، والإشتراكِ في صَلاتِهِ اليائِسَةِ على الصَّليب، لَكَأنَّ أباهُ نَفْسَهُ قدْ خَلّاه.

 

(خدّام المسيح)

 

اللّاهوتيّ المُعاصِر كارْل راهْنِرْ