الطوباوية الأم تريزيا دي كالكوتا

القوت اليومي

الطوباوية الأم تريزيا دي كالكوتا

 

تُعتبر الأم تريزيا من كالكوتا للكثيرين الوجه الأنثوي للكنيسة الكاثوليكية المُعاصرة، حيث وضعت نفسها في خدمة أولئك الذين همشهم المجتمع، الأفقر بين الفقراء.

 وقد ترجمت الأم تريزيا الحب إلى أعمال، فبسخاء الروح استطاعت أن تجلبَ العديد من الأشخاص إليها، تابعين طريقها، وألهمت الشباب في العالم لأن "يحبوا حتى الألم"، وأن يضعوا بالتالي خطواتهم مع خطوات يسوع، مُضحّين بحياتهم من أجل الآخرين. هكذا لم تعرف الأم تريزيا حُدوداً لحب المسيح، وقد عبّرت عن ذلك بنفسها في تكرّسها الكامل لأفقر الفقراء.

رأت أغنس، وهذا إسمها الأول، النور يوم 26 آب من العام 1915، في بلدة سكوبيه  Skopje في مقدونيا في عائلة من أصل ألباني.

وفي عمر 12 سنة اكتشفت دعوتها، في أن الله يريد منها أن تعطي حياتها له، وعلى عمر 18 سنة تركت عائلتها لتنخرط في رهبانية لوريتو، وهي جمعية إرلندية المنشأ تعمل في الأساس في الهند. وقد أعلنت نذورها الرهبانية في 24 أيار عام 1931 وقضت السنين الأولى تعلّم في مدرسة القديسة مريم.

وفي ضواحي مدينة كالكوتا، في مركز الفقر والألم، سمعت الأم تريزيا نداء لأن تكون واحدة من الفقراء ومتحدة معهم، وهناك بدأت مدرسة في الهواء الطلق.

في العام 1950 حصلت على الإذن من الفاتيكان لتأسيس جمعية أبرشية هدفها الإهتمام بجميع المرذولين والمتروكين في المجتمع، والذين بسبب ذلك يتألمون كثيراً جسدياً وعاطفيا.

وهكذا تم تأسيس جمعية مرسلات المحبة. وافتُتح أول مركز للمنازعين عام 1952.

وفي الأعوام التي تلت 1970 وبسبب إزدياد عدد البالغين والأطفال المتروكين، افتتحت الجمعية العديد من البيوت للبرص، والملاجىء للأيتام ومراكز مجانية في  معابد ومخازن مهجورة.

ثم ما لبثت أن انتشرت أعمال مرسلات المحبة بعد عشر سنوات في أرجاء العالم الواسع ومنها أستراليا، أوروبا، أفريقيا، الولايات المتحدة والشرق الأوسط. .

في العام 1996 وصل تعداد بيوت هذه الجمعية الإرسالية إلى 517 بيتاً ومركزاً في أكثر من مائة دولة في العالم.

نالت الأم تريزيا جائزة نوبل للسلام عام 1979. وقد استعملت هيبتها لكي تجلب إنتباه العالم إلى مسائل أخلاقية وإجتماعية هامة جداً. واعتبرت أن مشكلة الفقر لا تكمنُ فقط في الحرمان، بل أيضاً في عدم التعرّف على حب يسوع.

بعد تعرضها لسكتة قلبية أولى عام 1983، ضعفت صحتها وتدهورت بشكل خطير إبتداء من العام 1995، ثم بعد إصابتها بالملاريا وتوقف القلب، تركت مسؤولياتها على رأس الجمعية في آذار 1997، ثم توفيت في 5 ايلول 1997 أي قبل أسبوع فقط من عيد ميلادها الـ 87 .  

من أقوالها:

- "لكل مرضٍ هناك عدد كبير من الأدوية والعلاجات، ولكن إذا لم يكن هناك يد ناعمة وحاضرة للخدمة، وقلب كريم حاضر للحب، فإنني لا أعتقد أنّه بالإمكان شفاء ما يسمّى بنقص الحب. إنّ الأشياء التي تؤمّن لنا دخول السماء هي أعمال المحبة والكرم التي يجب أن يمتلئ وجودنا بها. هل نعرف كم تقدم بسمة محبة إلى مريض؟ هكذا نعلن من خلال بسمتنا كم أنّ الله سامحنا إذا أحببنا مرضانا وساعدنا الفقراء. إنّه بذلك يغفر لنا جميع خطايانا"

-"إنّ عدم اكتراث بعض الناس الذين يمرّون بالمرضى والفقراء والأطفال ولا ينظرون إليهم، يعود إلى أنّهم فقدوا الإيمان والوعي. فلو كانت لهم القناعة الحميمة بأن الذي يزحف على الأرض وهو يتألم هو أخوه أو أخته، لكان تصرّف بعكس ذلك، ولكان اهتم قليلاً لأمرهم. ولكن، مع الأسف، فإنّهم لا يعرفون معنى الشفقة ولا يأبهون لهؤلاء التعساء. ولو فهموا قيمة هذا الإنسان المتألم لكانوا تصرفوا بوعي وعرفوا أن الله يسكن فيه، وحينئذٍ يبدؤون بمساعدته وبخدمته كما خدمهم المسيح نفسه"

- "يسوع أتى إلى العالم ليقول لنا إنّ الله يحبنا، وإنّ الله يحبنا، وإنّ الله محبة، وإنّ الله يحبّك أنت ويحبني أنا. فكيف أحبنا يسوع، أنت وأنا؟ أحبنا بموته من أجل خلاصنا، والإنجيل كلّه يُختَصَر بهذه المحبة. لذلك علينا، تجاوباً مع حبّ الله لنا، أن نحبّه بالتأمل وبروح الصلاة وبالتضحية وبحياة داخلية مليئة به تعالى. فلا نفكّر بأنه يجب أن يكون حبّنا لله خارق العادة لكي يكون صادقاً. إنّ كل عملٍ بسيط نعمله بمحبة لله يكون عظيماً."

- "هناك ألوف من الناس ترغب في أن تكون مثلنا، ولكن الله اختارنا نحن لنكون حيث نحن، وذلك لكي نساهم في فرح الآخرين ونحن نحبّهم. إنّ الله يريد أن يحبَّ بعضنا بعضاً، وأن يقدّم واحدنا ذاته للآخر حتى ولو كان ذلك صعباً للغاية. ما هم كم نعطي للآخرين، المهم أن نعطي الحب. وحيثما يكون الحب، يكون الله هناك. وحيثما يكون الله، يكون الحب كذلك هناك. فالعالم عطشان إلى الحب، لذلك علينا أن نحمل إليه هذا الحب الذي هو الله".