إقرار الإنسان بأنّه سبب آلام المخلّص

القوت اليومي

إقرار الإنسان بأنّه سبب آلام المخلّص

 

 

 

أيّ شرّ فعلتَ، أيّها الحبيب

ما هو ذنبُك وما هي خطيئتُك

يا بن الله الوديع،

ما سبب الحُكم عليك؟

 

أنا سبب آلامك

أنا علّة الانتقام الذي جرى بك

أنا المُذنب الذي أوجب موتك.

 

إلى أي قَدْرٍ بلغ تواضُعك السّامي

ومحبّتك غير المتناهية؟

الى أي حدٍّ تعالت مراحمُك

وتسامت وداعتُك ومحبّتُك اللّذيذة؟

 

يا لَلعجب،

يُخطئ المُنافق  ويُقاصّ البارّ

يأثَم الشرّير ويُنَفَّذ القضاء على الصدّيق.

السيّد يفي ديون العبد

وآلام الإله تمحو ذنوب البشر.

 

أنا أرتكب الإثم وأنت تتألّم

أنا أُجرِم وأنت تتحمّل القصاص

أنا أتكبّر وأنت تتواضع

أنا أتشامخ وأنت تُحتَقَر

أنا أعصى، وأنت تفي عن عصياني بطاعتك

أنا أتلذّذ بأطيب الأطعمة

وأنت تذوق النِّزاع على خشبة العار

أنا أرتكب المعاصي وأنت تُعاقب بالصّليب

أنا أنساق وراء الشّهوة

وأنت تُساق الى الموت

أنا أتذوّق الثّمرة

وأنت تُكابِد مرارة سُمِّها.

 

ها قد اتّضحَتْ آثامي

يا ملك المجد السّامي

وظهرت شفقتُك الإلهيّة.

ها هو ظُلمي وجَوري

وها هي ذي قداستُك وعدلُك.

 

فأيَّ وفاء أقدر أن أُقدّمه

عن هذه النِّعم الفريدة

التي منحتَني إيّاها يا ملِكي وإلهي

لأنّه لا شيء في قلب الانسان

يوازي جزءًا صغيرًا من نعمتك الوافرة

وهل يُمكن لعقل بشر أن يتصوّر شيئًا

يوازي عظمة رحمتك الإلهيّة؟

وهل للخليقة القدرة على إفاء إحساناتِكَ؟

إنّما بعنايتك يا بن الله الوديع

تكمنُ هذه الأعجوبة.

 

نعم، هناك ما يقدر عليه ضُعفي

إذا قمعتُ جسدي مع رذائله وشهواته

بنعمةٍ خصوصيّة منك.

 

فيُمكنني هكذا بسماحك أن أتألّم معك

لأنّك تنازلتَ أن تموتَ عن خطاياي

وهكذا يَقْوى فيَّ الانسان الباطن

بالإماتة، اقتداءًا بِك

على الانسان الخارج، ضدّ حِيَل أعدائي

وأظْفَرُ بالجّهاد الرّوحي.

 

القديس أوغسطينوس