يَجِبُ أنْ يَمْتَدَّ أيْضاً احْتِرامُنا وَحُبُّنا إلى كُلِّ الذينَ يُفكِّرونَ وَيَعْمَلونَ بِطَريقةٍ مُغايِرَةٍ لنا، إنْ في القضايا الاجْتِماعِيَّة، وإنْ في القضايا السياسيَّةِ أو الدينيَّة. وَبِقدْرِ ما نَجْتَهِدُ في تَفَهُّمِ نَظَرِيَّاتِهِم تَفَهُّماً داخِليًّا مَطْبوعاً بِالحُبِّ وَالتَوَدُّد، يَسْهُلُ حينئذٍ الحِوارُ مَعَهُم.
أجَل، إنَّ هذا الحُبَّ وهذا التَوَدُّدَ يَجِبُ ألَّا يقودانا أبدًا إلى اللامُبالاةِ في ما يَتَعَلَّقُ بالحَقِّ والخير. وَبِالأحْرى إنَّ الحُبَّ نَفْسَهُ هُوَ الَّذي يَدْفَعُ بِتَلاميذِ المَسيحِ، لِيُبَشِّروا جَميعَ النَّاسِ بالحَقيقةِ الَّتي تَحْمِلُ الخَلاص. ولكِنْ عَلينا أنْ نُميِّزُ بَينَ الأضاليلِ الَّتي يَجِبُ أنْ نَرْفُضَها دائِماً، وَبَينَ الَّذي يَغْلَط، لِأنَّ مَنْ يَغْلَطُ يَحْتَفِظُ دائِماً بِكَرامَتِهِ كَشَخْص، حتَّى وإنْ ضَلَّ الطريقَ بَينَ التعابيرَ المَغْلوطَةِ أو النَّاقِصَة، فيما يَتَعَلَّقُ بالأُمورِ الدِّينيَّة. إنَّ اللهَ وَحْدَهُ هُوَ الَّذي يَفْحَصُ القلوبَ وَيَحْكُمُ عليها، وَيُحَذِّرُنا مِنْ أنْ نَدينَ أحَدًا وَنُؤثِمُهُ.
إنَّ تَعْليمَ المَسيحِ يَقودُ إلى طلَبِ الصَّفْحِ عَنِ الإساآتِ فيَنْشُرُ وَصِيَّةَ المَحَبَّة، وَصيَّةَ النَّاموسِ الجَديد، إلى كُلِّ الأعدآءِ. "لقدْ قيلَ لَكُم : أحْبِبْ قريبَكَ وَأبْغِضْ عَدُّوَكَ، أمَّا أنا فأقولُ لكُم : أحِبّوا أعْدآءَكُمْ وأحْسِنوا إلى مَنْ يُبْغِضُكُمْ، وَصَلُّوا على مَنْ يَضْطَهِدُكُمْ وَيَقولُ عَليكُمْ شَرًّا" (متى5/43-44).
(دستور راعوي حولَ الكنيسة في عالم اليوم،28)
مِنْ وَثائِقِ المَجْمَعِ المَسْكونيِّ الفاتيكانيِّ الثاني