إبن الله الوحيد تجسَّد...

القوت اليومي

إبن الله الوحيد تجسَّد...




إبن الله الوحيد تجسَّد، لكي يمسك بأيدينا ويقودنا ويُمجِّد طبيعتنا:


ماذا ترى سأقول لكم؟ وبأي شيء سأُخبركم؟ ها إني أرى أُماً قد وَلَدَت، وأرى طفلاً أتى إلى النور بالميلاد. طريقة الحَبل به أمر لا أُدركه. لقد غُلِبَت الطبيعة هنا، وحدود النظام الثابت قد تنحَّت جانباً. لقد شاء الله، وليس بحسب الطبيعة قد حدث هذا الأمر (تجسُّد ابن الله). الطبيعة هنا قد استكانت، بينما مشيئة الله تعمل.


الإبن الوحيد الذي قبل الدهور، الذي لا يمكن أن يُدرَك أو يُفهَم، البسيط اللاجسدي؛ قد لَبِسَ الآن الجسد الذي ألبسه أنا، الذي هو جسد مرئي قابل للفساد. ولأي سبب؟ حتى بمجيئه وسطنا يُعلِّمنا، وحتى بتعليمه يمسك بأيدينا ويقودنا إلى ما لا يمكن أن يراه الناس، إذ طالما يعتقد الناس بأن العيون أكثر صدقاً من الآذان، فهُمْ يشكُّون في كل ما لا يَرَوْنه. لذا فقد تنازل ليُظهِر نفسه في حضورٍ جسدي حتى يُبدِّد كل شك.


لقد وُلد من عذراء، تلك التي لم تكن تعرف قصده، ولا بقيت معه لكي يحدث هذا، ولا ساهمت فيما قد صنعه؛ لكنها كانت الأداة البسيطة لقوته المخفية.


هذا هو ما فَعَلَته فقط، والذي تعلَّمته من الملاك غبريال ردّاً على سؤالها: «كيف يكون هذا وأنا لستُ أعرف رجلاً»؟ حينئذ ردَّ عليها الملاك: «الروح القدس يحلُّ عليكِ، وقوة العليّ تُظلِّلكِ».


وبأي كيفية كان العليُّ معها، الذي بعد حين خرج منها؟ لقد كان مثل الصانع الماهر الذي يحصل على مادة خام مناسبة، يصيغ لنفسه إناءً جميلاً؛ هكذا المسيح، وقد وجد الجسد والنفس المقدَّسَيْن اللذين للعذراء، يبني لنفسه هيكلاً حياً، وبحسبما كانت مشيئته كوَّن هناك إنساناً من العذراء، وإذ لَبِسه الله وُلِدَ في ذلك اليوم. غير محتسب أي خزي من دناءة طبيعتنا. فإنَّ لِبْسه ما قد صنعه، لم يكن بالنسبة له انحطاطاً.


فلتتمجَّد دائماً هذه الصنعة، التي صارت رداءً لخالقها. تماماً مثلما حدث في خلقة الجسد الأولى، لم يكن ممكناً أن يُصنَع الإنسان قبل أن يدخل الطين إلى يدي الله؛ هكذا أيضاً لم يكن ممكناً أن يتمجَّد هذا الجسد الفاسد، إلاَّ بعد أن يصير أولاً ثوباً لخالقه.


يوحنّا الذهبي الفم(+407)