ألمُسامَحة الأخويَّة

القوت اليومي

ألمُسامَحة الأخويَّة

 

 

 

 

قراءةٌ من القدِّيس لاون الكبير (+461).

 

 

ألمُسامَحة الأخويَّة

 

 قالَ السَّيِّدُ المَسيح:"لا يحتاجُ الأصِحّاءُ إلى طَبيب، لكنْ ذَوو الأسقام" (متى9/13). لا يَجوزُ إذن لأيِّ مَسيحيٍّ أنْ يُبغِضَ إنساناً أيّاً كان، لأنّهُ لا يَستَطيعُ أحدٌ أنْ يَخلـُصَ إلّا بِغُفرانِ خَطاياه...

 

على شَعبِ اللهِ أنْ يَكون مُقدَّساً وصالِحاً: مُقدَّساً ليَهرُبَ مِمَّا نُهِيَ عنهُ، وصالِحاً ليَقومَ بِما أ ُمِرَ بِهِ. حَسَنٌ أن يَكون لنا إيمانٌ راسِخٌ وعقيدَةٌ صحيحَة، وجَيِّدٌ أنْ نَقمَعَ الشراهَة، ونُظهِرَ الطيبَة ونَعيشَ في الطهارَة. معَ ذلك، جَميعُ هذِهِ الفَضائِلِ فارِغة ٌ إذا فرِغَتْ مِن المَحبَّة، ولا مَساغ َ لِلقولِ في سُلوكٍ إنّهُ مُمتازٌ إلّا إذا ولدَهُ الحُبّ...

 

 فليَفحَصِ المُؤمِنون نفوسَهُم، وليُدَقّـِقوا في عواطِفِ قلبِهم الخَفيَّة. فإذا وَجدوا في أعماقِ ضَميرِهم بَعضَ ثِمارِ المَحبَّة، فليتأكّدوا أنَّ اللهَ معهُم. ولكي يَستَحِقّوا شَرَفَ استقبالِ هذا الضَيفِ الكبير، عليهِم أنْ يُثابِروا ويَنموا في أعمالِ الرَّحمَة. وإذا كان اللهُ محبَّة، فلا حُدودَ للمَحبَّة، إذ ليسَ للألوهِيَّةِ حدّ.

 

 

ولكي نُتَرْجِمَ المحبَّة إلى أعمال، أيُّها الإخوَة، نَظـُنُّ أنَّ الآن الزَمن مُناسِب، وأنَّ الأيَّامَ التي نَعيشُ تَحُثنا على ذلِكَ بِطريقةٍ خاصّة. فعلى الذين يَوَدُّون أنْ يَستَقبِلوا فِصحَ الرَّبِّ بِقداسَةِ الروحِ والجسَد، أنْ يَجهَدوا في اكتِسابِ هذهِ النِعمَةِ التي تحتَوي جُملة َ الفضائِلِ "وتَستُرُ جَمّاً مِن الخَطايا" (1بط 4/8). وبِما أنَّنا على عتَبَةِ الاحتِفالِ بأكبَرِ سِرٍّ عِندَنا، سرٍّ بِهِ مَحا يسوعُ المَسيحُ آثامَنا بِدَمِه، فلنُهَيِّئ، بادِئ ذي بَدءٍ، ذبيحَة الرَحمَة. وما أعطاناهُ صلاحُ الله، لِنَرُدَّهُ نحنُ إلى مَنْ يُسيءُ إلينا.

 

 

علينا إذن أنْ نُظهِرَ الحِلمَ للفُقراءِ والمُتألّمين، فتكثـُرَ هكذا أفواهُ الشّاكرين لله، ولتُسْهِمْ أصوامُنا في راحَةِ الذين هُمْ في الضيق. ليسَ أعذبَ على قلبِ اللهِ مِنْ تَضحيَةٍ يَقومُ بها المُؤمِنون مساعَدَة ً للفقراء، فحيث ُ يَجِدُ اللهُ هَمَّ الرَحمَة، هُناك، ولا شَكّ، يَجِدُ صورَة َ صلاحِهِ الإلهيّ.

 

(العظة 48،2-5).