ألمعموديَّة ُ وِلادَة ٌ جديدة

القوت اليومي

ألمعموديَّة ُ وِلادَة ٌ جديدة

 

 

 

 

ألمعموديَّةُ وِلادَةٌ جديدة

 

 

حينئِذٍ تنزِلُ إلى المياهِ المُقدَّسَةِ بِبَرَكَةِ الكاهِن. لأنَّكَ لستَ تَعتَمِدُ في مياهٍ عاديَّة، بلْ في مياهِ الميلادِ الجَديد، التي لا تَستَطيعُ أنْ تَصيرَ هكذا إلّا بِمَجيءِ الروحِ القُدُس. فيَجِبُ على الكاهِنِ أنْ يَسبِقَ فيَستَعمِلَ كلماتٍ مُعيَّنة، حسبَ ناموسِ الخِدمَةِ الكَهنوتيَّة، فيَسألُ الله َ أنْ تأتي نِعمَةُ الروحِ القُدُس على المياه، وتَجعلـَها قادِرَةً أنْ تَلِدَ تلك الوِلادَةَ المُذهِلة، وتَكون حشا للميلادِ السِريّ. لأنَّ رَبَّنا، حين سألهُ نيقوديمُس: هلْ يقدِرُ الإنسانُ أنْ يَدخُلَ حشا أمِّهِ ثانيَةً وَيُولَد؟، أجابَهُ : "إنْ لمْ يولدِ الإنسانُ مِن الماءِ والروح، فلا يقدِرُ أنْ يدخُلَ ملكوتَ الله!" (يوحنا3/5)...

 

      

هكذا في المَعموديَّة، تُصبِحُ المياهُ حشا لِلذي يولد. لأنَّ نِعمَة الروحِ القُدُسِ تَجبُلُ المُعتَمِدَ لميلادٍ ثانٍ، وتجعلُ منهُ شخصاً آخَر... فعندما يَعتَمِدُ وينالُ النِعمَة الإلهيَّة الروحانيّة، يتحَوَّلُ كُليّاً إلى شخصٍ آخَر: مِنْ طَبعٍ مائِتٍ إلى غيرِ مائِت، مِنء فاسِدٍ إلى عَديمِ الفساد، مِنْ مُتَبَدِّلٍ إلى ثابِت، فيُصبِحُ كُلّهُ إنساناً آخَر، بحَسَبِ سُلطانِ مَنْ يَجبُلهُ هكذا...

      

فليسَ طَبعُ الماءِ، بلْ عَمَلُ الروح، يُعطي النعمَة في مَعموديَّةِ الماء. يبدأ الكاهِنُ، حسَبَ ناموسِ الكَهنوت، وَيُصلّي كلماتٍ مُعَيَّنةً وبركات، سائِلاً أنْ تَحُلَّ على المياهِ نعمَةُ الروحِ القُدُس، وتُهَيِّئها بهذا الحُلولِ المُقدَّسِ المَهيب، لِتُصبَحَ كامِلة ً تُتِمُّ هذا كُلّهُ، حشا مُذهِلا ً لِميلادٍ جديد. فكُلُّ مَنْ ينزِلُ فيه، تَجبُلهُ نِعمَةُ الروحِ القُدُسِ جَبلةً جديدة، فيُولدُ ثانيَةً في طَبيعَةٍ بَشريَّةٍ أخرى سامية. فإذا ما اكتَمَلتِ المياهُ بِمَجيءِ الروحِ القُدُس، ونالتْ قوَّةً كهذه، حينئِذٍ تنزِلُ أنتَ فيها، وتنتَظِرُ أنْ تنالَ منها الحياة.

 

 

 

 

(العظة الثالثة عن العماد، 9-10).

 

تِوُدُورُوسَ المُبْسُوِسْطِي (+ 428).