أرْضٌ جَديدةٌ وَسَماءٌ جَديدَةٌ

القوت اليومي

أرْضٌ جَديدةٌ وَسَماءٌ جَديدَةٌ

       

 

 

 

 إنَّنا لَنَجْهَلُ الزَّمانَ الَّذي تَبْلُغُ فيهِ الأرْضُ وَالبَشَرِيَّةُ نِهايَتَهُما، كما أنَّنا نَجْهَلُ طَريقةَ تَحْويلِ هذا الكون. إنَّهُ لَيَجوزُ حَقّاً شَكْلُ هذا العالَمِ الذي شَوَّهَتْهُ الخَطيئة، ولكِنْ نَعْلَمُ أنَّ اللهَ يُعِدُّ لنا مَسْكِنًا جَديداً وَأرْضاً جَديدة، حَيْثُ يَسودُ العَدْلُ وَتُحَقَّقُ الغِبْطَة، وَتَتَعَدَّى كُلُّ رَغَباتِ الإنْسانِ في السَّلامِ الَّتي خَطَرَتْ على قلْبِه.

 

حينئذٍ يُغْلَبُ المَوْت، وفي المَسيحِ يَقومُ أبْناءُ الله، وَمَا زُرِعَ في الضَّعْفِ وَالفَسادِ يَلْبَسُ عَدَمَ الفَساد، وَتَبْقى المَحَبَّةُ وَأعْمالُها، وَتُعْتَقُ مِنِ اسْتِعْبادِ الباطِلِ كُلُّ هذِهِ الخَليقةِ الَّتي جَعَلَها اللهُ لِلإنْسان.

   

أجَلْ، نَحْنُ نَعْلَمُ أنَّهُ ما مِنْ شَيءٍ يَنْفَعُ الإنْسان، إنْ رَبِحَ العالمَ وَخَسِرَ نَفْسَهُ. غَيْرَ أنَّ انْتِظارَ الأرْضِ الجَديدَة، بَدَلاً مِنْ أنْ يُخَفِّفَ مِنِ اهْتِمامِنا بِاسْتِثْمارِ هذِهِ الأرْض، يَجِبُ بِالأحْرى أنْ يُوقِظَها فينا : فَجِسْمُ العائِلَةِ الإنْسانِيَّةِ الجَديدَةِ يَنْمو فيها، راسِماً الخُطوطَ الأُولى لِلعِلْمِ الآتي.

 

وَلِهذا السَبَب، إذا كانَ مِنَ اللازِمِ أنْ نُمَيِّزَ بِدِقّةٍ التَّقدُّمَ الأرْضيَّ مِنْ نُمُوِّ مَلَكوتِ المَسيح، مَعَ ذلكَ، لِهذا التَّقدُّمِ أهَمِيَّةٌ كُبْرى بِالنِسْبَةِ لِمَلَكوتِ الله، بِقدْرِ ما يُمْكِنُهُ أنْ يُساهِمَ في تَنْظيمٍ أوْفى لِلمُجْتَمَعِ الإنْساني.

 

  فهذِهِ القِيَمُ مِنْ كَرامَةٍ وَشَرِكَةٍ وَحُرِّيَة، كُلُّ هذِهِ الثِمارِ المُمْتازَةِ التي أنْتَجَتْها طَبيعَتُنا وَمَهارَتُنا، والَّتي نَكونُ قدْ نَشَرْناها على الأرْضِ وَفْقاً لِوَصِيَّةِ الرَّبِّ وَحَسَبَ روحِهِ، سَنَجِدُها فيما بَعْدُ مُطَهَّرَةً مِنْ كُلِّ وَصْمَة، مُتَلألِئةً مُتَّشِحَةً حُلَّةً جَديدَة، عِنْدَما يُسَلِّمُ المَسيحُ إلى أبيه "مَلَكوتاً أبَديّاً شامِلا : مَلَكوتَ حَقيقةٍ وَحَياة، مَلَكوتَ قداسَةٍ وَنِعْمَة، مَلَكوتَ بِرٍّ وَحُبٍّ وَسَلام". إنَّ المَلكوتَ حاضِرٌ الآنَ بِشَكْلٍ سِرِّيٍ على الأرض، وَسَيَبْلُغُ  كَمالَهُ عِنْدَ عَوْدَةِ الرَّبّ.

 

(دستور راعوي حول الكنيسة قي عالم اليوم،39)

 

 

مِنْ وَثائِقِ المَجْمَعِ المَسْكونيِّ الفاتيكانيِّ الثَّاني