الخميس الرابع بعد عيد ارتفاع الصليب

الإنجيل

الخميس الرابع بعد عيد ارتفاع الصليب

 

إنجيل اليوم (لو 13/ 6-9)

 

6- قالَ الرَّبُ يسوع هَذا المَثَل: "كَانَ لِرَجُلٍ تِينَةٌ مَغرُوسَةٌ في كَرمِهِ، وجَاءَ يَطلُبُ فِيهَا ثَمَرًا فَلَم يَجِدْ.

 

7- فَقَالَ لِلكَرَّام: هَا إنِّي مُنذُ ثَلاث سِنِين، آتِي وأطلُبُ ثَمَرًا في هَذِهِ التِّينَةِ ولا أجِد، فاقطَعْهَا! لِمَاذا تُعَطِّلُ الأرض؟

 

8- فَأجَابَ وَقَالَ لَهُ: يَا سَيِّد، دَعْهَا هَذِهِ السّنةَ أيضًا، حَتّى أنكُشَ حَولَهَا، وأُلقِيَ سَمَادًا،

 

9- لَعَلَّها تُثمِرُ في السّنَةِ القَادمة، وإلاَّ فتقطَعُهَا!".

 

 

أوّلًا قراءتي للنّصّ

 

يتفرّد لوقا "بمَثَل التينة"، حيث يشدّد على رحمة الله تجاه الخطأة، فيمهلهم وينتظر توبتهم؛ بينما يلتقي متّى (21/ 18-22)، ومرقس (11/ 12-14، 20-26)، في كلامهما على التينة غير المثمرة، التي  ترمز، لديهما، إلى الشعب الذي لا يؤمن، ولا يحفظ وصايا إلهه (حب 3/ 17).

 

كان لصاحب كرم تينة مغروسة في كرمه، جاء، ولثالث مرّة، يطلب ثمرًا من هذه التينة؛ وإذ لم يجد فيها ثمرًا أمر بقطعها، ليس فقط لأنّها لا تحمل ثمرًا، بل ولأنها تعطّل الأرض؛ ولكنّ الكرّام طلب إليه أن يدعها سنة أُخرى، لكي ينكش حولها، ويسمّدها، لعلّها تثمر، وإلّا فيقطعها.

 

يشير هذا النصّ، من الناحية الرمزيّة، إلى شعب العهد القديم، الذين رفضوا الإيمان بيسوع وببشارته لمدّة ثلاث سنوات؛ وبناءً على طلب الكرّام، أعطي هذا الشعب، وسيعطى غيره، سنة رابعة هي، ربّما، "السنة المقبولة لدى الرّبّ" (لو 4/ 19)، لعلّهم فيها يؤمنون (هنا رحمة الله!).

 

ويشير هذا النصّ، من الناحية العمليّة إلى واجب كلٍّ منّا أن يؤمن، وأن يفعّل إيمانه بالصلاة والعمل، وأن يتوب إلى الرّبّ تكفيرًا عن خطاياه، وتقرُّبًا أكبر من الرّبّ، هذه هي الثمار المطلوبة من كلّ واحد منّا، إذا كان مؤمنًا، كما الثمرة من التينة؛ المطلوب أن يكون فينا ما يستطيبه الرّبّ، هذه هي ثمرتنا الحقيقيّة؛ وكلّ ما فينا، وهو غير متجاوب مع ما يفتّش عنه الرّبّ، علينا أن نزيله بالتوبة، ونستعيضه بما يرضيه، إيمانًا وأعمالًا؛ وقد يكون الدليل على أنّنا نتحوّل إلى ثمرة شهيّة هو في مقدار تقبّل الآخرين لنا، تقبّل أيّ إنسان نلتقي به لنا، وذلك بوداعتنا ولطفنا ومقاربتنا السهلة، وبسمعتنا الشهيّة...!

 

 

ثانيًا: "قراءة رعائيّة"

 

مثل التينة بلا ثمر، لدى لوقا، هو موجَّه، في الأصل، إلى الشعب اليهوديّ (مر 11/ 14) الذي بشّره يسوع ثلاثة سنوات، ولم يثمر، أي لم يؤمن.

 

وقد رأت الكنيسة أنّ هذا المثل موجَّه أيضًا، إليها وإلى أبنائها؛ وهو، في هذه الحال، نداء مُلحّ وواضح، إلى التوبة، وإلى حمل الثمر.

 

ترمز "التينة اليابسة" لدى متّى (21/ 18-22) إلى الجماعة أو الشعب العقيم، بلا ثمر، لذلك، حكم عليه بأنْ يقطع وييبس؛ وترمز "التينة بلا ثمر" لدى مرقس (11/ 12-14، 20-26)، لمجرّد وقوع الكلام عليها بين حدثَين يحصلان في الهيكل، دخول يسوع أورشليم (11/ 1-11)؛ وطرد الباعة من الهيكل (11/ 15-18)، إلى نبذ شعب الهيكل، حيث لم يجد يسوع ثمرًا.

 

                                                              الأب توما مهنّا