إنجيل اليوم (يو 10 /17-21)
17 الآب يحبّني لأنّي أبذل نفسي، لكي أعود فأسترجعها.
18 لا أحد ينتزعها منّي، بل أنا أبذلها من تلقاء نفسي. لي سلطانٌ: أن أبذلها، ولي سلطانٌ أن أعود فأسترجعها. هذه الوصيّة قبلتها من أبي.
19 فحدث من جديدٍ شقاقٌ بين اليهود بسبب هذا الكلام.
20 وكان كثيرون منهم يقولون: "به شيطان، وهو يهذي. فلماذا تسمعون له؟".
21 وآخرون يقولون: "هذه الأقوال ليست أقوال من به شيطان! هل يقدر شيطان أن يفتح عيون العميان؟".
أوّلاً قراءتي للنص
الراعي الصالح هو، بشهادة الأنبياء، وبشهادة يوحنا السابق خاتمة الأنبياء، ابن الله الآب، وقد قدّسه وأرسله إلى العالم مخلّصًا وديانًا: فأعطاه ملء السلطان على أن يبذل نفسه، وهكذا يسترجعها، بحريته المطلقة، دون أن يكون بمقدور أحد أن ينتزعها منه، أو أن يبقيها له؛ حريّة يسوع المطلقة في بذل ذاته، هي نفسها في استرجاع هذه الذات؛ تلك كانت وصيّة الله الآب له، وهو قبلها بملء إرادته؛ فامتثال يسوع لهذه الوصيّة، جعله حبيب الآب، ومخلّص البشر وديّانهم.
نتعلّم من هذا أنّ كل ما يبذله أي راعٍ، أي مكلّف بخدمة، وبخاصة بخدمة كنسية، بإرادة صادقة وحقيقيّة، لأجل الخراف، يكون قد استرجعه كاملاً مع محبة الله الآب له؛ وحدها مهمة، في هذه الدنيا، كل خطوة عطاء وبذل من أجل الخراف، ومن أجل أي إنسانٍ ألتقيه، وهو بحاجة إليّ (لأنه يصبح من الخراف التي هي دومًا بحاجة إلى الراعي).
أحدث كلام يسوع شقاقًا بين اليهود؛ كثيرون منهم قالوا: به شيطان، وهو يهذي؛ نعم، لغة يسوع ليست لغة العالم، لغة الإنسان الغارق في هذا العالم؛ فكلام يسوع بالنسبة إلى هذا الأخير وأمثاله هذيان؛ ألدى مؤمنين بيسوع، ومسؤولين في الكنيسة، من لهم هذا الإحساس لدى سماعهم مثل ذاك الكلام؟
فليتأكّد هؤلاء من أنهم من العالم الشرير؛ وآخرون منهم استحسنوا كلامه، وقالوا بصعوبة نسبتها إلى من به شيطان! وهذه الصعوبة تصبح استحالة إذا اعتبرنا أن صاحب هذا الكلام هو عينه الذي أتى بعجائب مذهلة: أيقدر من به شيطان أن يفتح عيون العميان؟
ثانيًا"قراءة رعائيّة"
الآية (17)
يضحّي يسوع بحياته ليستردّها، يموت لكي يقوم؛ ارتباط وثيق، غير منفصل، بين موت يسوع على الصليب وقيامته.
الآية (18)
في الإنجيل الرابع، تشديد على حريّة يسوع التامة في بذل حياته: هو، من ذاته، ذهب إلى الموت، ولم يكرهه أحد على ذلك؛ لقد خضع لله الآب، وأتمّ إرادته القدوسة، ليدلّ على محبته للآب (14: 31)، وبالتالي، على محبته للبشر.
الآيات (19-21)
انقسم اليهود، الذين سمعوا كلام يسوع، إلى من يقول بأنّ به شيطانًا، وإلى من يقول بأنه رجل الله؛ يستند القول الثاني على المعجزات التي أجراها يسوع ويتوطد بها.
الأب توما مهنّا