الجمعة من أسبوع الأبرار والصديقين

الإنجيل

الجمعة من أسبوع الأبرار والصديقين

 

 

إنجيل اليوم (متى 5/ 27- 37)

 

 

 

27 سمعتُم أنَّهُ قيل: لا تَزنِ.

 

28 أمّا أنا فأقول لكم: كُلُّ مَن يَنظرُ إلى امرأةٍ لِيَشتهيها، فقد زنى بها في قلبِه.

 

29 إن كانت عَينُكَ اليُمنى سبَبَ عثرةٍ لكَ، فاقلعها وألقِها عنكَ، فخيرٌ لكَ أن يَهلِكَ أحدُ  أعضائِكَ، ولا يُلقى جَسَدُكَ كلّهُ في جهنّم.

 

30 وإن كانت يَدُكَ اليُمنى سبَبَ عثرةٍ لكَ، فاقطعها وألقِها عنكَ، فخيرٌ لكَ أن يهلِكَ أحدُ أعضائِكَ، ولا يذهبَ جسدُكَ كلّهُ إلى جهنّم.

 

31 وقيلَ أيضًا: مَن طلّق امرأتهُ فليُعطِها كتابَ طلاق.

 

32 أمّا أنا فأقولُ لكم: كلُّ مَن يُطلّقُ امرأتَهُ إلّا في حالِ مُساكنةِ زِنى يِجعلها تزني. ومَن تزوّجَ مُطلّقةً يزني.

 

33 سمعتُم أنّهُ قيل للأقدمين: لا تحلِف باطِلًا، بل أوفِ للربِّ ما حلفتَ به.

 

34 أمّا أنا فأقولُ لكُم: لا تحلِفوا أبدًا، لا بالسَّماء لأنّها عرشُ الله،

 

35 ولا بالأرضِ لأنّها مَوطئُ قدَميه ولا بأورشليمَ لأنّها مدينةُ الملكِ الأعظم.

 

36 ولا تحلِفْ برأسِكَ، لأنّكَ لا تقدِرُ أن تجعَلَ شعرَةً واحِدةً منهُ بيضاءَ أو سوداء.

 

37 فليكُنْ كلامُكم: نعم، نعم! لا، لا! وما يُزادُ على ذلكَ فهو مِن الشرّير.

 

 

أوّلًا قراءتي للنصّ

 

 

 يتوزّع نصّ إنجيل هذا اليوم على ثلاثة عناوين متتالية "في الزّنى" (27- 30)، و"في الطلاق" (31- 32)، و"في القسَم" (33- 37)؛ وتحت كلّ عنوان، مقارنة بين "القديم" و"الجديد".

 

 

 يقول العهد القديم في الزنى "لا تزنِ (بالفعل)"؛ ويقولُ الطلاق: مَن طلّق امرأته، فليُعطها كتاب طلاق (متى 19/ 7؛ مر 10/ 4)؛ ويقول في القسَم: لا تحلفْ باطلًا، بل أوفِ للربّ ما حلفت به.

 

 

 يقولُ العهد الجديد في الزنى: يزني الإنسانُ أيضًا، بالنظرِ المرفق بشهوة أو باشتهاء؛ ويقول في الطلاق: مَن يطلّق امرأته يجعلها تزني، ومَن يتزوّج مُطلّقةً يزني (متى 19/ 9؛ مر 10/ 11- 12؛ لو 16/ 18)؛ ويقول في القسم: لا تحلِفْ أبدًا، لا بالسّماء ولا بالأرض ولا بأورشليم ولا برأسِك.

 

 

 التّعليم الجديد في الزنى (كما في الشكوك، متى 18/ 8- 9؛ مر 9/ 43، 45، 47)، يوجب على المؤمن استئصال الشرّ من جذوره: (اقتلاع العين وقطع اليد)، لأنّ الإنسان ينفّذ بهما ما يصدر من القلب، وما يحكم به العقل، وما تأمر به الإرادة؛ والتّعليم الجديد في القسَم يدعو الإنسان المؤمن، من جهّة، إلى وعيِ كبيرِ قُدرةِ الله في السّماء (هي عرشه)، وعلى الأرض (هي موطئ قدميه)، وفي أورشليم (هي مدينة الملك الأعظم)؛ ويدعوه، من جهّة أخرى، إلى وعيِ صغيرِ قُدرته (هي دون جعل شعرة من شعر رأسه بيضاء أو سوداء).

 

 

 الإستثناء الوارد في متّى (5/ 32؛ 19/ 9) على قاعدة تحريم الطلاق، والمعبَّر عنه: "حال مساكنة زنى" يرتكز على زواج غير شرعيّ، يجب حلّه (رسل 15/ 28- 29)؛ هذا التفسير ينطبق مع مبدأ يسوع الجذريّ بعدم السماح بالطلاق، استنادًا إلى شريعة الخالق (تك 2/ 24)، وإلى ما ورد دون أيّ استثناء في كلٍّ من مرقس (10/ 11)، ولوقا (16/ 18).

 

 

الآية (37)

 يطلب الربّ من تلاميذه والمؤمنين به أن يكون كلامهم، من جهّة الله، "نعم" لمشيئته الإلهيّة، وأن تكون نَعَمُهم هذه صادقة ً وعميقة، ومن جهّة الخطيئة، "لا"، وأن تكون لاؤهم هذه صادقة ً وعميقة.

 

 

ثانيًا قراءة رعائيّة

 

 الآيتان (27- 28)

 

ما الزنى؟ هو التعاطي الزّواجيّ مع امرأة القريب؛ يبدأ الزنى، بنظر الربّ يسوع بالعين، ويتواصل إلى القلب: محاولة استلاب المرأة من زوجها.

 

 الآيتان (29- 30)

 

 لا شكّ في أنّ الشرّ (كما الخير) يعشّش في القلب (متى 12/ 34)، أي في أعمقِ أعماقِ الإنسان؛ ولكن، يبقى للأعضاء دورها؛ لهذا، حين يصير العضو (العين أو اليد أو الرّجل...) أداة خطيئة، يجب الاستغناء عنها.

 

 

 الآيتان (31- 32)

 

 نحن هنا لا أمام الطلاق بالمعنى الحديث للكلمة، بل أمام حقّ الرّجل بأن يفترق عن امرأته؛ يورد ربّنا يسوع، مع تحريمه للطلاق، استثناء (تث 24/ 1)، وارد في متّى (هنا وفي 19/ 9)، وغير وارد في مرقس (10/ 11- 12)، ولا في لوقا (16/ 18)؛ الكلمة اليونانيّة الدّالة على هذا الاستثناء، "بورنايا"، تعني الأمر المشين أو خيانة المرأة لزوجها؛ وقد تعني هذه الكلمة اتّحادًا غير شرعيّ بين زوجَين (رسل 15/ 28- 29)؛ فإذا أخذنا بهذا المعنى الأخير، نكون قد احترمنا تحريم يسوع للطلاق بوجه عامّ؛ ولكن، قد نكون هنا، مع حالة خاصّة، عرفها العالم اليهوديّ، وقد تكون الأساس لما جاء في (1قور 7).

 

الأب توما مهنّا