الثلاثاء الثامن عشر من زمن العنصرة

الإنجيل

الثلاثاء الثامن عشر من زمن العنصرة

 

 

إنجيل اليوم  (مر 12/ 13-17)

 

 

13 أرسل اليهود إلى يسوع بعضًا من الفرّيسيّين والهيرودسيّين، لكي يصطادوه بكلمة.

14 فجاؤوا وقالوا له: "يا معلّم، نحن نعلم أنّك صادق، ولا تبالي بأحد، لأنّك لا تحابي وجوه النّاس، بل تعلّم طريق الله بالحقّ: هل يجوز أن نؤدّي الجزية إلى قيصر أم لا؟ هل نؤدّي أم لا نؤدّي؟".

15 وعلم يسوع رياءهم، فقال لهم: "لماذا تجرّبونني؟ ائتوني بدينارٍ لأراه".

16 فأتوه به. فقال لهم: "لمن هذه الصّورة والكتابة؟". فقالوا له: "لقيصر".

17 فقال لهم يسوع: "أدّوا ما لقيصر إلى قيصر، وما لله إلى الله". فتعجّبوا منه.

 

 

 

أوّلًا قراءتي للنصّ

 

 أُعطيَ لنصّ إنجيل هذا اليوم، في "الترجمة اللّيتورجيّة"، العنوان التالي "أداء الجزية إلى قيصر"؛ له نصّ موازٍ في متّى (22/ 15-22)، وآخر في لوقا (20/ 20-26)؛ يرد نصّ متّى الموازي، مع شرحه، في زمن الصليب، الأسبوع الرابع، يوم الخميس؛ يذكر هذا النصّ "الهيرودسيّين"، إلى جانب الفرّيسيّين، فمن هم؟ هم الموالون لأسرة هيرودس الحاكمة، والموالون للرّومان؛ إنّهم نقيض "الغيورين" أو "الغلاة"، الّذين كانوا يقاومون الرومان بوسائل العنف والقتل.

 

 

 

 أرسل رؤساء اليهود "بعضًا من الفرّيسيّين والهيرودسيّين، إلى يسوع، لكي يصطادوه بكلمة، لكي يوقعوه في غلطة، ولكي "يسلّموه" عندئذ، إلى حكم الوالي وسلطانه ( لو 20/20)؛ لذلك، زوّدوا هؤلاء المرسلين إليه بكلام استمالة من طريق الإطراء، وبطلب موقف فيه تعريض له لخطر كبير.

 

 

 

   كلام الإطراء.

 

هو اعتراف بحقيقة يسوع الراهنة، ولكنّه اعتراف لفظيّ فقط، غير مرفق بإيمان؛ بادروه قائلين: "يا معلّم ، نحن نعلم أنّك صادق، ولا تبالي بأحد، لأنّك لا تحابي وجوه الناس، بل تعلّم طريق الله بالحقّ"

(14)؛ جعلوا كلامهم هذا، الدالّ في ذاته، على حقيقة يسوع، مقدّمةً مغرية ومدغدغة، قد تميل بيسوع، لدى سماعه لها، إلى الاعتقاد بأنّهم أصحاب نيّة صافية، وإلى إعطاء رأيه واتّخاذ موقف صريح في جوابه على طلبهم التالي.

 

 

 

 

 "هل يجوز (مبدئيًّا أو نظريًّا) أن نؤدي الجزية إلى قيصر أم لا؟ هل نؤدي أم لا نؤدّي (بالفعل)؟ لقد اختاروا موضوع الجزية، لأنّه موضوع حسّاس في ذاته، مثير للجدل، ومؤدٍّ إلى مواقف متباينة ومتناقضة أحيانًا؛ يكفي أن يعطي يسوع رأيه في أداء الجزية: أدائها أو عدم أدائها، لكي يتعرّض إمّا لاستعداء الأكثريّة من الشعب، إذا ما قال بوجوب أدائها، وإمّا إلى استعداء الوالي والموالين له إذا ما قال بعدم أدائها!

 

 

  واجههم يسوع بالإعلان لهم عن معرفته لمكرهم المقنّع بعبارات المقدّمة، والمكشوف بسؤالهم وطلبهم الذي به يجرّبونه، فقال لهم: "لماذا تجرّبونني؟"؛ وأتبع ذلك، رأسًا ومن دون أن يبدي أيّ إشارة على أنّه في مأزق، بطلب نقود الجزية: "ائتوني بدينار لأراه!"؛ وما أن رأى عليه صورة قيصر وكتابته، حتّى قال لهم: "أدّوا ما لقيصر إلى قيصر، وما لله إلى الله"؛ ما كانت النتيجة؟ "تعجّبوا منه"، شعروا بتفوّقه عليهم وعلى مؤامرتهم عليه!

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 شرح عبارات وكلمات

 

 

من الفرّيسيّين والهيرودسيّين ( 13)

 

 تآمر الفرّيسيّون والمتشيّعون لهيرودس، حاكم الجليل وبيريه، والذي سبق وسجن وقتل يوحنّا المعمدان، وتحالفوا ليهلكوا يسوع بعد أن سمعوا كلامه ورأوا أعماله؛ فالفرّيسيّون لا يستطيعون أن يفعلوا شيئًا من دون مساعدة هيرودس.

 

 طريق الله (14)

 

 راجع ( مز 25/ 4، 9؛ 27/ 11)؛ نتذكّر هنا أنّ يسوع سمّى نفسه الطريق ( يو 14/ 6)؛ استعملت اللّفظة في العهد القديم ( مز 119/ 1)، لتدلّ على سلوك الإنسان، ثمّ اتّخذت مدلولاً جديدًا في العهد الجديد يتوافق مع حياة يسوع (متّى 7/ 13-14)؛ أهل الطريق هم المسيحيّون الذين يتبعون طريق الربّ ( رسل 9/ 2).

 

 

هل يجوز (14)

 

 

 لم تكن الجزية مرغوبةً لارتباطها بالمحتلّ الرومانيّ؛ لهذا رفض البعض أن يدفعوها، وبالتّالي رفضوا حكم روما.

 

 

الآية (17)

 

 الواجبات تجاه الله غير الواجبات تجاه القيصر؛ وحدها الطاعة لله لها طابع مطلق ونهائيّ، كلّ الباقي يبقى نسبيًّا؛ فإذا كانت الواجبات تجاه البشر لا تعارض واجباتنا تجاه الله، نقوم بها ( روم 13/ 1-7؛ 1 طيم 2/ 1-6).

 

 

الأب توما مهنّا