الإثنين الثامن عشر من زمن العنصرة

الإنجيل

الإثنين الثامن عشر من زمن العنصرة

 

 

 

 

إنجيل اليوم   (مر 11/ 27-33)   

 

 

27 عاد يسوع والتلاميذ إلى أورشليم، وفيما هو يتمشّى في الهيكل، تقدّم إليه الأحبار والكتبة والشّيوخ،

28 وقالوا له: "بأيّ سلطانٍ تفعل هذا! بل من أعطاك هذا السّلطان لتفعل هكذا؟".

29 فقال لهم يسوع: "أسألكم سؤالاً واحدًا، فأجيبوني. ثمّ أقول لكم بأيّ سلطانٍ أفعل هذا:

30 معموديّة يوحنّا، من السّماء كانت أم من النّاس؟ أجيبوني!".

31 فأخذوا يفكّرون فيما بينهم قائلين: "إن قلنا: من السّماء، يقول: فلماذا لم تؤمنوا به؟

32 وإن قلنا: من النّاس..؟". لكنّهم كانوا يخافون من الجمع، لأنّ الجمع كلّه يعتبر يوحنّا نبيًّا حقًّا.

33 لذلك أجابوا وقالوا ليسوع: "لا نعلم!". فقال لهم يسوع: "ولا أنا أقول لكم بأيّ سلطانٍ أفعل هذا!".

 

 

 

 

أوّلاً قراءتي للنصّ

 

 

   أُعطيَ لنصّ إنجيل هذا اليوم، في "الترجمة اللّيتورجيّة"، العنوان التالي"سلطان يسوع"؛ له نصّ موازٍ في متّى (21/ 23-27)، وآخر في لوقا (20/ 1-8)؛ يرد نصّ متّى الموازي، مع شرحه، في زمن الميلاد، أسبوع مولد يوحنّا المعمدان، يوم الخميس.

 

 

 

 بينما كان يسوع يتمشّى (مرقس)، يعلّم (متّى)، يعلّم الشعب ويبشّره (لوقا)، في الهيكل، تقدّم إليه الأحبار والكتبة والشيوخ، وسألوه، انطلاقًا من اعترافهم الضمنيّ بأنّ لديه سلطانًا، وبأنّ سلطانه ليس كسلطان لأيّ منهم، وليس من أيٍّ منهم، وبالتّالي مستفهمين عن طبيعة سلطانه هذا: "بأيّ سلطان تفعل هذا؟"، وعن مصدر هذا السلطان: " بل ومن أعطاك هذا السلطان لتفعل هكذا؟"

 

 

فسؤالهم بشقّيه، يدّل على أنّهم متأكّدين من أنّ ليسوع سلطانًا دينيًّا حقيقيًّا، وبأنّ سلطانه هذا مميّز عن سلطانهم، وغير سلطانهم، وبأنّه ليس من أيٍّ منهم، هم أصحاب السلطان في اليهوديّة؛ كما وأنّه من المفروض لديهم، أنّ سلطان المسيح المنتظر، عندما يأتي، لن يكون إلاّ من سلطانهم وامتدادًا له! إذن، انطلق سؤالهم ليسوع من حيرةٍ لديهم، في الداخل، من تردّد، من غياب القرار، حيث يجب اتّخاذ قرار؛ ففي نفسيّتهم خلفيّةٌ دينيةٌ سائدة ومتحكّمة، تحول دون الانتقال من رؤية الواقع الراهن إلى الحكم على هذا الواقع!

 

 

 

 انطلق يسوع، في جوابه عليهم، من نفسيّتهم هذه، ومن موقفهم المتردّد، لا بالنسبة إليه، إلى يوحنّا المعمدان، فسألهم، معتبرًا جوابهم عليه شرطًا لجوابه على سؤالهم، قال: "معموديّة يوحنّا، من السماء كانت أم من الناس؟ أجيبوني!"؛ وهكذا اقتداهم إلى الوقوف أمام حيرتهم وتردّدهم، أمام نفسيّتهم غير السليمة، بل المريضة! ففكّروا وتشاوروا، واكتشفوا أنّ موقفهم من يوحنّا غير مبرّرٍ لديهم بالذات؛ ومع ذلك، تخطّوا هذه الحقيقة الخاصّة، وأجابوه قائلين: "لا نعلم!" وهنا، انتهى حوارهم مع يسوع، المنطلق من رفض مسبق له؛ انتهى إلى هذه "اللاّ" منهم ومنه: "ولا أنا أقول لكم...".

 

 

 

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

  الوارد في الآيات (مر 11/ 27- 12/4) هو مقدّمة للجدالات الخمسة بين يسوع والسلطات اليهوديّة، من رؤساء كهنة وشيوخ، من فرّيسيّين وصدّوقيّين: كلّهم حاولوا، مداورةً، أن يجرّبوا يسوع لكي يوقعوه؛ جاءوا يتحقّقون إن كان له الحقّ بأن يعلّم! نرى يسوع هنا، يطرح سؤالاً عليهم، ليعرف إن كانوا يقدرون أن يميّزوا علامات الأزمنة.

 

 شرح عبارات وكلمات

 

 

 

 تفعل هذا (28)

 

 

 

 

 أي تطهير الهيكل؛ أمّا في متّى ( 21/ 23)، وفي لوقا ( 20/1)، فالموضوع هو تعليم يسوع وكرازته؛ من أين جاء يسوع بسلطته التعليميّة، وهو لم يمرّ في مدارس؟ ظلّ هذا السؤال بلا جواب بالنسبة إلى السائلين هنا؛ أمّا بالنسبة إلينا، فقد عرفنا أنّ الله هو مصدر تعليم يسوع ( يو 7/ 26-27)

 

 

 

     من السماء (30)

 

 

 تحاشى يسوع، كاليهود واحترامًا لهم، التلفّظ  باسم الله؛ فإذا كان عماد يوحنّا من السماء، أي من عند الله، فسلطة يسوع تكون، هي أيضًا، من عند الله!

 

 

 

 

 

     لا نعلم (33)

 

 

 رفض اليهود إعطاء جواب، لأنّهم أحسّوا أنّهم وقعوا في الفخّ؛ اقتناعهم بأنّ معموديّة يوحنّا هي من السماء، يقودهم إلى الاقتناع بأنّ رسالة يسوع، هي أيضًا من السماء، وإلى اتّخاذ الموقف الواجب منه! أعموا عيونهم لئلاّ يروا!

 

 

 

 

 

 

 

الأب توما مهنّا