الرّوح القدس والقلب

أضواء

الرّوح القدس والقلب



(اعمال الرسل: ٦/ ٣٧ - ٣٩)



فلمّا سمعوا ذلك الكلام، تفطّرت قلوبهم، فقالوا لبطرس ولسائر الرّسل: ماذا نعمل  أيّها الإخوة؟ فقال لهم بطرس: "توبوا وليعتمد كلّ منكم بإسم يسوع المسيح لغفران خطاياكم، فتنالوا عطيّة الرّوح القدس. فإنّ الوعد لكم وجميع الأباعد، على قدر ما يدعو منهم الرّب إلهنا".


التأمّل:


١- "فلمّا سمعوا هذا الكلام، تفطّرت قلوبهم" علاقة الله باسرائيل تختصر بكلمة "شماع" "اسمع اسرائيل". والقديس بولس يوضح: كيف يؤمنون بمن لم يسمعوه؟ السّماع مدخل الإيمان. وبطرس روى على هذا الشّعب قصّة المسيح وما رافقها من تحقيق للنبوءات فيها. وعلى أساس هذا السّماع يقول سفر "الأعمال": "تفطّرت قلوبهم" وفي هذه الكلمة دلالة إلى اختبار تمزّق داخليّ من التّوبة والحزن معًا وهل نبلغ القلوب في كلامنا على المسيح؟ لا بل في سلوكنا؟ أي تحوّل داخلي، لم يبلغ هذا العمق وهذا الشمول، يبقى غير كافٍ.


٢- تأثّر القلب فتحرّكت الإرادة والفعل فلذلك سألوا بطرس دون تردّد: "ماذا نعمل أيّها الإخوة؟ فقال لهم بطرس. توبوا وليعمَّد كلّ منكم بإسم يسوع المسيح لغفران خطاياكم، فتنالوا الرّوح القدس".


سرعة السؤال تعبّر عن عمق الإستعداد ولذلك يطلب بطرس إليهم:


 - التوبة أي التخلّي عن الخطايا وتوجيه القلب إلى الله.

- الإعتماد بإسم يسوع المسيح لغفران الخطايا.

- الربط بين يسوع ومغفرة الخطايا فتنالوا عطيّة الرّوح القدس. العماد بإسم المسيح يعطي الرّوح القدس.


تنوّعت تدخّلات الرّوح القدس. والمسيح، كان يوحنّا نسب إليه أنّه يعمّد بالرّوح القدس، وليس بالماء كما يفعل هو. وفي ذلك دلالة على اكتمال العماد، لا بل على حلوله في النّفس ليحوّلها في العمق من جهة، وليرفعها فوق مستواها الطبيعيّ. غفرت الخطايا بالإعتماد باسم يسوع المسيح، لكن الرّوح يستقرّ في النّفس ويحوّلها ويسلّحها لمواجهة الشرّ ويكسبها انتماءً داخليًّا إلى الله ويجعل منها مسكنًا له. عمل الرّوح أبعد من أن يُحدّد. لا يعصف هنا، لكن فعله الخفيّ، إنتماء عميق لله ودخول في دائرة عمله دون أن يحدّد عمل الرّوح القدس. نناله كلّه.


مناجاة


هلمّ أيّها الرّوح وحوّلني إلى حدود اكتشفت فيها التّعزية والفرح والإستراحة لكن دع قلبي يتفطّر لإقتبالك. كنيستنا بحاجة إلى أن يُنفخ فيها الرّوح القدس، وهل يستطيع "المجمع البطريركيّ المارونيّ" أن يقوم بذلك؟

                                                                                                                                           "هلمّ أيّها الرّوح"

                                                    المطران أنطوان حميد موراني